لإيمانها الشديد بعدالة قضيتها، ولإدراكها الفائق لأهمية تهيئة المسرح السياسى المحلى والإقليمى والدولى لما سوف تقدم عليه من عملية عسكرية كبيرة تحرر بها أرضها المحتلة من قبل الكيان الصهيونى البغيض، قامت مصر قبل أن تخوض حرب أكتوبر المجيدة بجهود دبلوماسية وإعلامية جبارة اتسمت بالذكاء الشديد والحنكة المطلقة لتحقيق هذا الغرض، وهو ما أكسبها طوال فترة الحرب وما تلاها تعاطفاً وتأييداً ومساندة ودعماً لا مثيل لهم على كل المستويات، وهو ما اعتبر حينئذ أحد أهم الدروس المستفادة من هذه الحرب العبقرية التى شكلت علامة فارقة فى التاريخ العسكرى الحديث.
ولأن الشىء بالشىء يذكر كنت أتمنى أن تستفيد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى من هذا الدرس التاريخى شديد الوضوح وعظيم الأثر، وهى تدير سياسياً وإعلامياً أهم «معركة مدنية» فى تاريخ مصر المعاصر وهى معركة «تطوير التعليم»، خاصة وهى تعلم أن هذا الموضوع تحديداً يتربص به العديد من أعداء الوطن، ومن أصحاب المصالح فى الداخل والخارج.
كنت أتمنى أن تستلهم هذه الوزارة الموقرة تجربة وزارة البيئة فى إدارة الملف الشائك شديد الوعورة الخاص بتطوير المحميات، حيث أشركت فى مرحلة الدراسات التحضيرية وفى كل المراحل التنفيذية ممثلين فاعلين عن المجتمع المحلى جنباً إلى جنب مع الخبراء المعنيين المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وهو ما أثمر نجاحاً باهراً ورضاءً تاماً عن جميع القرارات التى تم اتخاذها فى هذا الشأن لأنه تم التوافق المسبق عليها.
أرجو أن نستفيد فى المستقبل من أخطائنا المتكررة فى أسلوب إدارتنا السياسية والإعلامية لمثل هذه الملفات الحيوية، حتى نتجنب إهدار الكثير من الوقت والجهد الذى كان يمكن استغلالهما فيما ينتظرنا من مهام جسام.
