يوسف أيوب

أعداء الأمس أصدقاء اليوم فى لبنان

الأحد، 06 مايو 2018 11:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخوض لبنان اليوم انتخاباتها النيابية، التى انتظرتها لسنوات طويلة، بعدما نجحت فى إقرار قانون جديد، أهم ما فيه أنه جاء بنكهة مختلفة، قضت على التحالفات التقليدية القديمة، وفتح الباب أمام أخرى جديدة، شعارها أعداء الأمس أصدقاء اليوم.
 
لايزال الجدل قائما فى لبنان حول قانون الانتخابات، الذى أتوقع أن يكون محل تغيير وتعديل الفترة المقبلة، لأنه لن يكون قادراً على أن يحفظ للبنان شكلها السياسى المعتاد، نعم هناك تحالفات تجرى خلف الستار، مثل تلك التى تفجرت قبل عامين، بإعلان الشيخ سعد الحريرى تأييده لعدوه السياسى ميشيال عون لرئاسة لبنان، لكن هذه التحالفات لن تستمر طويلاً، لأن المصالح متناقضة ومتضادة، ومن الصعب أن تسير جميعها فى اتجاه واحد، وسيزداد الوضع صعوبة إذا تغيرت ملامح الخريطة السياسية فى سوريا.
 
بداية، فإن القانون الجديد للانتخابات فى لبنان سمح وللمرة الأولى بأن يشارك اللبنانيون بالخارج فى العملية الانتخابية، كما أنه اعتمد النظام النسبى فى احتساب الأصوات، واعتمد أيضاً الصوت التفضيلى الذى يتيح للناخب التصويت مرتين، الأولى للقائمة والثانية لشخص المرشح الذى يفضله عن غيره من بين زملائه فى القائمة نفسها، وهو ما كان له بالغ الأثر فى لعبة الكراسى الموسيقية بالانتخابات اللبنانية، وكان من نتاجه أن يخرج الحريرى فى أحد اللقاءات ليقول لأتباعه «الصوت التفضيلى سيكون لصديقى جبران باسيل»، تخيلوا أن الحريرى، زعيم تيار 14 آزار، اليوم بات مسانداً لباسيل رئيس التيار الوطنى الحر، أحد أقطاب تيار 8 آزار، العدو اللدود، نعم هذا يحدث الآن فى لبنان.
 
بلغة الأرقام هناك 976 مرشحاً بينهم 111 مرشحة فى 15 دائرة يتنافسون على 128 مقعداً، موزعة على 64 مقعداً للمسلمين بمن فيهم الدروز، و64 مقعداً للمسيحيين، وهو ما يؤكد أنها الانتخابات الأكثر مشاركة من جانب المرشحين، بما يؤشر إلى أن اليوم سيكون ساخناً، لأن نتائجه ستحدد مستقبل لبنان، البلد المهم فى السياسة الإقليمية، لأن لبنان فى نظر السياسيين مرآة مصغرة وانعكاس لما يحدث فى المنطقة.
 
هذه المرآة ستتأثر بطبيعة الحال بما يثار خارجياً، وتحديداً حزب الله، الذى بات فى مرمى الاتهامات الإقليمية، التى لن تكون آخرها اتهام المغرب للحزب بدعم وتمويل جبهة «بوليساريو» لإثارة القلاقل والفتن فى المملكة المغربية، وهو ما زاد من صعوبة موقف الحزب فى الانتخابات، خاصة أنها جاءت متوازية مع توتر يشوب علاقته مع حلفائه خاصة «​التيار الوطنى الحر» و«​حركة أمل»، فخلال الدعاية الانتخابية أدرك حزب الله أن حدود معركته لا تقتصر على بعض المقاعد النيابية، التى قد يخسرها بسبب القانون الجديد، لكنها ستمتد إلى مصير الحزب السياسى، لذلك لجأ إلى اللعبة التى يجيدها دوماً، وهى الدفع للأمام وتحويل الانتخابات إلى ما يشبه بالاستفتاء على خيار المقاومة، لأن حزب الله يدرك أنه بعد إعلان النتائج سيكون أمام توازنات جديدة، وأن وزنه السياسى فى مجلس النواب والحكومة سيقل عما كان عليه قبل الانتخابات.
 
الخوف والقلق يعترى جميع السياسيين فى لبنان، لأن النتائج ليست مضمونة، خاصة أن التحالفات تتغير كل ساعة تقريباً، ومن السهل أن تجد حلفاء فى دائرة، لكنهم متضادون فى دائرة أخرى، وهو ما زاد من صعوبة الموقف، لكن ما ميز هذه الانتخابات أن لهجتها الإعلامية كانت هادئة بعض الشىء، حتى إن الاتهامات كانت أقل مما توقع الكثيرون، لأنها دارت حول اتهام لذلك التيار أو غيره بالتدخل لدعم مرشح على حساب آخر، وهو أمر مقبول فى أى انتخابات، لكن لم نشهد صدامات ولا اتهامات خارج السياق، وإن كنت أرى أن هذا الهدوء لن يدوم طويلاً، لأنه محكوم بالنكهة التى فرضها القانون.
 
هناك من يرى أن نتائج الانتخابات لن تغير شيئاً فى الصورة العامة، وأن المفاجآت ستكون طفيفة، ولن تغير شيئا فى التحالف الحاكم منذ وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا فى أكتوبر 2016، وستبقى المواقع كما هى، وسيظل «حزب الله» محتفظاً بالثلث المعطل فى الحكومة والبرلمان، لكنى أختلف مع هذا الرأى، لأن الخريطة الآن تتغير فى لبنان، ولا أحد يستطيع التكهن بما ستكون عليه النتيجة، لكن فى المقابل فإن وضعية حزب الله تراجعت عما كانت عليه فى الماضى، خاصة مع زيادة أزماته الخارجية، فضلاً عن إدراك اللبنانيين أن خلافه مع السعودية وبقية دول الخليج جلب على لبنان الكثير من المشاكل، كانوا ومازالوا فى غنى عنها، لذلك فإنهم سيبحثون عن التغيير، الذى لن يأتى إلا فى هذه الانتخابات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة