نعم ، أكثر ما نحتاجه اليوم هو حوار شامل ومستمر مع مختلف فئات المجتمع حول نظام التعليم الجديد الذى تعتزم الوزارة تطبيقه من العام المقبل ، فرغم الطموح الكبير لوزير التعليم وقيادات الوزارة أن يمثل النظام الجديد نقلة نوعية فى مستوى التعليم المصرى لاستعادة الطلاب المختطفين من عالم الحفظ وتفريغ المعلومات فى الامتحان ونسيانها بعد ذلك ،ورغم الدراسات الوافية والمناهج المصممة خصيصا لنا بهدف تعليم الطالب المصرى منذ سنواته الأولى كيف يفكر ويبدع ، إلا أن الشائعات والعبارات المرسلة والفهم الخاطئ مازال سيد الموقف لدرجة احتشاد أولياء الامور امام ديوان الوزارة للمطالبة بالإبقاء على النظام القديم ودوامة الدروس الخصوصية وحرق الدم مع العيال فى سنوات التعليم الفاصلة.
كثير من أولياء الأمور يتحركون فى رفضهم لنظام التعليم الجديد من قاعدة عدم الثقة ، ويطرحون أسئلة من قبيل : اشمعنى دلوقتى ؟ هو مين المستفيد من ورا التغيير ده ؟ ولازمته إيه التغيير أصلا إذا كان الوزير اللى بييجى بيمسح اللى عمله اللى مشى بأستيكة وبيغير عشان يتقال إن هو اللى غير ، ونضمن منين إن أبناءنا مش هيبقوا فئران تجارب لكل واحد فى دماغه صوت عايز يزعقه؟
وينطلق عدد كبير من أولياء الأمور من افتراضات غير مدعومة بالمعلومات نتيجة نقص أشكال الحوار التى تعرضوا لها او النقاشات التى شاركوا فيها حول نظام التعليم الجديد ، فهم يتصورون مثلا أن ترحيل تعليم المواد العلمية باللغات الأجنبية حتى بداية المرحلة الإعدادية كارثة كبرى لأبنائهم الذين يريدون لهم أن يكونوا على صلة قوية باللغات الأجنبية وأن يمتلكوا فرصة للتعلم أو العمل فى دول العالم ، ويتصور أولياء الأمور أن النظام الجديد سيضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما إما القبول بتدمير مستقبل أولادهم أو اللجوء لمدارس اللغات الخاصة بما فيها من تكلفة مادية كبيرة
وهنا ، من الضرورى أن توضح قيادات التعليم لأولياء الأمور بالأرقام الموثقة ، كم عدد الطلاب فى المدارس التجريبية وصل إلى مستوى متقدم فى تعلم اللغات الأجنبية ؟ وكم من الطلاب فى المدارس التجريبية استطاع التمكن من لغة بلده العربية ؟ وكم من طلاب المدارس التجريبية يحتاج إلى برنامج القرائية الذى يعمل على تعليم الطلاب فى الإعدادي والثانوى القراءة والكتابة .
واجهوا أولياء الأمور الخائفين على مستقبل أولادهم بالحقيقة المرة ، أن نظام التعليم الحالى بكل عناصره الملخبطة لا يتيح تعليما باللغات الأجنبية ولا يحافظ على الهوية الوطنية وعلى اللغة العربية ، بل هو تضييع مزدوج ونزيف لابد أن يتوقف بتغيير طريقة التعلم لتقترن بالمتعة والشغف والإبداع وساعتها سنطلق طاقات ملايين الطلاب فى مساراتها الصحيحة ليعمل كل طالب وطالبة ما يحبون وبالتالى نستعيد عصر الاتقان والابتكار والابداع .
يا قيادات التعليم ، أوضحوا لأولياء الأمور والطلاب مرارا وتكرارا أن نظام الثانوية التراكمية ليس معناه زيادة حمل الدروس الخصوصية للثانوية العامة لتشمل السنوات الثلاث للمرحلة الثانوية ، لأن أولياء الأمور والطلاب لا يعرفون من هذا النظام إلا أنه يجمع درجات الطالب من الفصول الدراسية" الترمات" الجديدة التى يخوضها الطالب خلال سنوات المرحلة الثانوية ، ولم يصلهم أى شيئ عن طريقة التعليم ولا عن وسائط التعليم وطرق التحصيل وأشكال الامتحان وكلها معلومات مهمة ستعيد تشكيل موقف الطلاب وأولياء الأمور حين يعلمونها .
يا قيادات التعليم ، مشروع التعليم الجديد عظيم ومهم ، لكن ضرورى أن يقبله الطلاب وأولياء الأمور لأنهم هم العنصر الأساسى لإنجاحه وإحداث الفارق .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة