الدكتور مصطفى مدبولى تلقى التكليف بتشكيل الحكومة الجديدة خلفا لعملاق مقاتل وإدارى ناجح، هو المهندس شريف إسماعيل، الذى استطاع العبور بالبلاد فى ظروف مواجهة الإرهاب وارتفاع نسبة التضخم وعملية الإصلاح الاقتصادى الشجاعة التى تأخرت خمسين عاما.
وإذا كان المهندس شريف إسماعيل قد نجح فى وضع الأساس لعلاج التشوه الهيكلى فى الاقتصاد المصرى، والازدواج الخطير بين الاقتصاد الموجه واقتصاد السوق، وما تبعه من وجود سوق سوداء للمضاربة على العملة المصرية، وعجز دائم فى الموازنة وضعف عام فى الاستثمارات الأجنبية مع الاعتماد على موارد ريعية وليست موارد إنتاجية، فإن الدكتور مصطفى مدبولى مطالب بالبناء على الأساس الذى أرساه شريف إسماعيل ومواصلة الإصلاح الاقتصادى انطلاقا من مجموعة محددات أساسية.
أولى هذه المحددات، هو تعميق عملية الإصلاح الاقتصادى من خلال برامج دعم الصادرات المصرية، وزيادة الإنتاج المحلى، وترشيد الاستيراد، والتركيز على المشروعات الإنتاجية كثيفة العمالة، لتقليل نسبة البطالة وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب المصرى.
وإذا كان الدكتور مدبولى، بحكم تخصصه فى هندسة المدن، صاحب رؤية شمولية فى الإدارة، فإنه وقد أصبح على رأس الحكومة مطالبا بإعادة النظر فى القطاع العقارى والإسكانى، الذى أثبت خلال الفترة الماضية أنه قاطرة التنمية فى مصر، وأكبر مجال لاستيعاب الشباب العاطلين، ومنح الشركات المتعثرة فرصة كبيرة للنهوض مجددا بحجم أعمال غير مسبوق.
وهنا علينا أن نتساءل مع النهضة العمرانية التى تشهدها مصر، هل تتحول النهضة العمرانية بكل مستوياتها، من إسكان فاخر وقرى ساحلية ومنتجعات ومدن عالمية جديدة، إلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى أم وسيلة لتجميد الأموال، وبالتالى يتشبع السوق العقارى وينقلب على المستثمرين فيه بفعل الخوف من الانهيار المفاجئ للأسعار؟ نريد باختصار رؤية واضحة وبرنامجا طموحا لتسويق الثروة العمرانية التى تشهدها البلاد لتصبح مصدرا للدخل والاستثمار من الخارج، ونظرة واحدة على مجتمعات بدون موارد تقريبا مثل قبرص واليونان، وكيف تحولت الثروة العقارية عندهما إلى وسيلة جذب للاستثمارات والسياحة، تجعلنا نعترف أننا مقصرون للغاية فى هذا المجال.
ثانيا: حكومة الدكتور مصطفى مدبولى لا بد وأن تضع فى اعتبارها أن مصر دولة زراعية بالمقام الأول، بل إنها أقدم دولة عرفت الزراعة وطورتها وأهدتها للبشرية، ولا يصح أن يكون هذا هو حال أقدم دولة زراعية فى العالم، تفقد كل يوم آلاف الأفدنة من أجود الأراضى الزراعية، وما زالت تستخدم الطرق القديمة فى الرى والصرف، وما يعنيه ذلك من إهدار مواردنا المائية المحدودة، نريد يا دكتور مصطفى توطين أحدث التكنولوجيات الزراعية، ورفع الوعى لدى الفلاحين بأهمية الزراعة الحديثة الخالية من المبيدات والقادرة على إنتاج أضعاف ما ينتجه المزارعون من نفس المساحات بالطرق التقليدية.
ثالثا، لقد بدأنا نهضتنا الصناعية يا دكتور مصطفى فى الخمسينيات من القرن الماضى مع كوريا الجنوبية والهند واليابان وألمانيا، لكن أين هذه الدول الآن وأين نحن، نريد نهضة فورية لمصانعنا المتعثرة وتأهيل الكوادر البشرية لافتتاح المزيد من المصانع، كما نريد برامج حكومية لإطلاق الصناعات الصغيرة بالتعاون مع القطاع الخاص، فنحن نستطيع إنتاج جميع احتياجاتنا بشرط التخطيط السليم والتوظيف الجيد للموارد واستغلال طاقاتنا المتاحة أفضل استغلال.
يضاف إلى هذه المطالب الثلاثة يا دكتور مصطفى، تعظيم البرامج الحمائية الخاصة بمحدودى الدخل والفقراء، حتى لا يسقطوا ضحايا لبرنامج الإصلاح المر، واعتماد شعار الاستثمار فى التعليم طريق مصر إلى المستقبل، وربنا يعينك على الحمل الثقيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة