قبيل مغادرته قمة الدول السبع الكبار التى استضافتها كندا، تفاخر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنجاحه، وأن العلاقة مع حلفاءه فى أفضل حالاتها، غير أنه بعد أقل من تسع ساعات، كانت العلاقة تتجه نحو الصفر.
فكعادته الصاخبة، قام الرئيس الأمريكى قام بمهاجمة مجموعة الدول السبع التى قادتها الولايات المتحدة طيلة أكثر من أربع عقود وأعلن بشكل لا لبس فيه الحرب السياسية على أقرب جيران أمريكا، ورفض ترامب التوقيع على البيان المشترك للدول السبع، مهددا بتصعيد حربه التجارية على جيرانه، وذهب لوصف رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو، بـ"الضعيف وغير الصادق".
وقال ترامب فى تغريدة كتبها على متن طائرة "اير فورس وان"، "بناء على تصريحات جاستن المغلوطة فى مؤتمره الصحفى (حول التجارة)، ونظرا إلى أنّ كندا تفرض رسوما جمركية هائلة على مزارعينا وعاملينا وشركاتنا، فقد طلبت من ممثلينا الأمريكيين سحب التأييد لبيان (مجموعة السبع)"
وكرر ترامب، الذى يتوجه إلى سنغافورة استعدادا لقمة مع زعيم كوريا الشمالية، التحذيرات من أن إدارته تدرس فرض رسوم جمركية "على السيارات التى تُغرق السوق الأمريكية!".
هذا القرار، الذى وصفته صحيفة نيويورك تايمز بالضربة، ترك الولايات المتحدة فى وضع منفر لحلفائها أكثر مما كانت قبل إنطلاق القمة، وقال بيتر وستماكوت، وهو سفير بريطانى سابق فى واشنطن، إن ترامب أكثر قدرة على منح التصاريح للدول التى تشكل تهديدًا حقيقيًا للقيم والأمن الغربيين مقارنة بالحلفاء التقليديين لأمريكا.
وقبل بضع ساعات، قال ترودو إن الدول السبع توصلت إلى اتفاقات واسعة حول مجموعة من أهداف السياسة الاقتصادية والخارجية، لكنه أقر بأن الخلافات العميقة لا تزال قائمة بين ترامب وزعماء الدول الأخرى، لا سيما فى مجال التجارة.
وسعى رئيس الوزراء الكندى إلى التقليل من حدة المصادمات الشخصية مع ترامب أثناء اختتام القمة، واصفاً الاجتماع بأنه "ناجح للغاية"، لكنه تعهد أيضًا بالرد على تعريفات الولايات المتحدة على منتجات الصلب والألومنيوم فى الدفاع عن العمال الكنديين، وهى التصريحات التى أغضبت ترامب.
وعقب تغريدات ترامب الغاضبة، غرد جون بولتون، مستشاره للأمن القومى، بتلك الصورة الدرامية التى يجلس فيها ترامب ويبدو متعجرفا ومتحديا لزعماء الدول الأخرى الذين كانوا يقفوا حوله فى دائرة وينظرون له، فيما يبدو خلال نقاشا حاميا، وتقول الصحيفة إن نظرة ترامب إلى العالم، وإلى أقدم شركاء بلاده، غارقة فى الشكوك والتظلمات لدرجة أنه لا يستطيع مقاومة تعليقاته المأسوية حتى ولو ليوم واحد.
إهانات ترامب على تويتر الموجهة إلى ترودو ووصفه بأنه "ضعيفة وغير نزيه" و"تصريحات كاذبة"، تركت العلاقة الكندية-الأمريكية فى أكثر مرحلة عداء علانى، ربما منذ حرب 1812، لكن فى الواقع، اشتبك ترامب بالفعل مع كندا قبل اجتماع القمة عندما اتهام الكنديين بإحراق البيت الأبيض خلال تلك الحرب، بينما من فعلها وقتها كان البريطانيون فعلاً.
ويبدو أن الرئيس الأمريكى لم يزعجه أن يكون منبوذا، إذ ذهب للقول بأن بلاده سمحت لنفسها لسنوات عديدة أن تدفعها قوى أجنبية تستغلها. وبطريقة ما، فإنه على ما يبدو يرى الانتقادات من الخارج على أنها شارة شرف ودليل على أنه يمثل أفضل مصالح الولايات المتحدة، وتشير نيويورك تايمز إلى أنه للأسف يشجع مؤيدوه موقفه العدوانى على المسرح العالمى.
وكان ترامب قد أوضح بالفعل قبل قمة مجموعة السبع أنه لا ينوى إعادة النظر فى موقفه بشأن اتفاق باريس الخاص بتغير المناخ أو الاتفاق النووى الإيرانى، الذى انسحب منه الشهر الماضى، ورفض تخفيف تعريفة الصلب و الألومنيوم التى فرضها قبل أشهر على أوروبا وكندا، بحجة أن الحلفاء كانوا يتعاملون مع الولايات المتحدة بشكل غير عادل.
وغادر قبل ختام احتماعات القمة، متغيبا بذلك عن جلسات حول تغير المناخ والمحيطات والطاقة النظيفة– مما يعنى تخليه عن عن قيادة أمريكا لهذه القضايا بل أيضا مقعدها على الطاولة.
وبدون أى تحذير، الجمعة، دعا ترامب إلى إعادة روسيا كعضو فى المجموعة الصناعية الكبار دون الإصرار على أى من الشروط التي طالب بها الغرب الخاصة بإنهاء تدخلها فى أوكرانيا، وشدد الرئيس الأمريكى على الأمر مجددا، السبت، موضحًا أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم يجب ألا يقف عائقا، قائلا: "لقد تم القيام به منذ وقت طويل ،" وأضاف أفضل رؤية روسيا فى مجموعة الثمانى، على عكس مجموعة السبعة، أود أن أقول إن مجموعة الثمانى هى مجموعة أكثر فائدة من مجموعة الـ 7، على الإطلاق. "
وخلال يومين من اللقاءات فى كندا، تصافح ترامب ونظرائه من مجموعة السبع واحتفوا أمام الكاميرات وتظاهروا بأنهم أصدقاء، فيما سعى مسئولو البيت الأبيض للتأكيد على أن اللقاءات تسير بشكل جيد، وكافح المفاوضون للتوصل إلى بيان توفيقى يمكن لجميع القوى السبع يمكن أن توافق عليه.
غير أن بعض خبراء السياسة الخارجية يرون أن ترامب كان لديه وجهة نظر حول إعادة روسيا إلى طاولة المفاوضات مع مجموعة السبعة، وقال جيريمى شابيرو، المسئول السابق فى وزارة الخارجية الأمريكية ومدير الأبحاث فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية فى لندن، "إن انهيار علاقة الغرب مع روسيا ينبع من عدم الاعتراف بالوضع الشرعى لروسيا في العالم" وأشار إلى قمة الثمانية أو السبع هى رمز كبير لذلك مضيفا "يجب تجاوز فكرة أن الذهاب إلى هذه الاجتماعات هو نوع من المكافأة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة