كان تقيا فى قضاءه، يحرص دائما على تطبيق العدل، لدرجة أنه إذا جاء ليحكم فى قضية ، يفكر فيها مليا، وحينما يصل إلى القرار الرشيد، يرفع رأسه إلى السماء وتتغرغر عيناه بالدموع، ويتلو حكمه، وسار على طريقته نجله وحفيده أيضا، إنه سوار بن عبد الله بن قدامة قاضي البصرة.
"سوار" كان قليل الحديث، لكن كان فقيها، وله مكانته العلمية الكبيرة بين الناس، حيث صار أهل ثقة فى منصبه، حتى تولى إمارة البصرة أيضا، وتوفى وهو أميرها وقاضيها فى ذات الوقت.
القضاء فى الاسلام
من بين المواقف التى أبرزت شخصية "سوار" القوية حيث إرسال الخليفة أبو جعفر المنصور كتابا أو منشورا إليه يقول له فيه :انظر الأرض التي تخاصم فيها فلان القائد وفلان التاجر، فأعطها إلى القائد، إلا أن "سوار" لم يأخذ بتوجيهات الخليفة وكتب إليه قائلا : إن البينة قد قامت عندي أنها للتاجر، فلست أعطها لغيره إلا ببينة.
الخليفة أبو جعفر المنصور أصر على مال قاله للقاضى فأرسل إليه قائلا: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى القائد، فرد عليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو، لا أخرجها من يد التاجر إلا بحق، ففرح الخليفة برد "سوار" عليه قائلا: ملأتها والله عدلاً، فصار قضاتي تردني إلى الحق.
أبو جعفر المنصور
من جانبه يقول الدكتور سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، جامعة الأزهر السابق ،عضو المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، فى تفنيده للطريقة التى يتعامل بها القاضى سوار بن عبد الله، وعدم أخذه بتوصية الحاكم، إن سلطة القضاء مستقلة، والقاضى يتبع دائما الحق، متابعا : الرسول صلى الله عليه وسلم قال" البينة على من إدعى".
وأضاف" قزامل"، أن الحاكم ليس له أى ولاية على القاضى بل إن القاضى ولايته ربانية، وصاحب الحق، يطبيق الأحكام بالأخذ بالأدلة والمستندات، ويضرب عرض الحائط بأى توجيه يأتى له، ومن الممكن أن يتنحى علن نظر القضية.
ابو جعفر المنصور 2
وأشار، إلى أنه لا يصدر حكما إلا بأدلة موجودة مهما كان المتدخل، موضحا ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث الشريف " إنكم تحتكمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة".
ابو جعفر المنصور
وتابع: الرسول قال إن عملية الحكم تخضع لعوامل الإثبات، ومن الممكن أن ياخذ الشخص حقا ليس له دون وجه حقا، ويقع هذا خطأ من القاضى، لكن على من أخذ الحق أو جاء الحكم لصالحه أن يرفضه لأنه بذلك يأخذ قطعة من النار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة