عرف بالعدل وحسن الخلق، وتسلح بالسماحة والجود، فتولى على إثر ذلك القضاء بثلاث مدن كبرى ، وكان عادلا محبوبا حيث أنه على الرغم من خلافاته فى بعض الأحيان مع صلاح الدين الأيوبى وسجنه له بدمشق، إلا أنه حينما حضرته الوفاة أوصى بالقضاء لابن أخيه، وأمضى الوصية القائد، إنه القاضي ضياء الدين بن الشهرزوري قاضى قضاة بغداد.
سعة صدر" الشهرزورى" جعلته محبوبا رصينا فى أحكامه ،فكانت له مكانة عظيمة لدى الملك الناصر لدين الله، وكان ما يطلبه منه يجاب، حيث انه كان قاضى دمشق وطلب منه الإعفاء من هذا المنصب للتوجه إلى بلده حماه فوافق، وحينما ذهب إلى حماه تولى قضاءها، فقال فيه صلاح الدين الأيوبي "ما فتحت البلاد بالعساكر إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل"، ويقصد هنا القاضي ضياء الدين.
صلاح الدين الايوبى
من بين المواقف التى تدل على حب صلاح الدين له على الرغم من الخلافات فى وجهات النظر التى كانت تحدث بينهما، أنه حينما مرض السلطان صلاح الدين الأيوبى بحران مرضا شديدا، وبدأ اليأس يتسلل للنفوس من هذا المرض، لدرجة أن صلاح الدين صار لا يأكل ولا يشرب لأيام ، فدخل عليه القاضي ضياء الدين الشهرزوري عائداً، فبكى السلطان.
حينما رأى القاضى الحكيم السلطان يبكى قال له: يا مولانا مثلك ما يسامح، أنت ربُيت بين سمر الرماح وبيض الصفاح، وعرضت نفسك على الموت مرارا في عدة حروب، وأنت الآن تفزع من الموت وأنت في هذا السن متعجبا من بكاء صلاح الدين.
الناصر صلاح الدين رد على القاضى قائلا: والله ما خطر لي هذا ببال، ولكن فكرت الساعة فى القاضي الفاضل كيف يكون إذا بلغته وفاتي، فأشفقت عليه لعلمي به وما يجده من أجلي.
صلاح-الدين-الأيوبي-وتحرير-بيت-المقدس
من جانبه قال الشيخ صالح محمد عبد الحميد عضو لجنة الفتوى بالأزهر، فى تفنيده للطريقة التى يتعامل بها القاضى ضياء الدين بن الشهرزورى، كان من الشخصيات العظيمة التى سيظل التاريخ يذكرها، حيث عرف عنه العدل وسعه الصدر، وبشاشه الوجه، وكان محبوبا لدي الجميع وخصوصا عند السلطان صلاح الدين الأيوبى الذي كان يقدر القاضي ويعرف فضله ومكانته وبرغم الاختلاف في بعض الأحيان في وجهات النظر بينه وبين القاضي، إلا أن صلاح الدين كان دائم الثناء عليه، ولذلك رأينا القائد صلاح الدين يقول عن القاضي ضياء الدين ليبين للناس مكانته "مافتحت البلاد بالعساكر إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل".
وأضاف أن القاضى ضياء الدين عرف عنه بأنه عادل، واشتهر ذلك عنه، فقد اشتهر ايضاً عنه أنه كان يملك صفة عظيمة وهي سعه الصدر، والتحكم في نفسه وقت الغضب ولم يكن من هؤلاء الذين يغضبون لأنفسهم قط، متأسيا بالنبي صلي الله عليه وسلم في حلمه، وسعة صدره.
حروب صلاح الدين
وأشار، إلى أن من مواقفه مع السلطان صلاح الدين أنه لما دخل القاضي علي القائد صلاح الدين ووجده يبكي، وقد امتنع عن الطعام والشراب، فأراد القاضى العظيم ان يذكره بالله ويجعله يحسن الظن بربه، ويذكره بأنه من أصحاب الفضل وأن التاريخ لن ينسي ماقدمه صلاح الدين للأمه الاسلامية التي حررها من الظلمة والمعتدين، حيث قال القاضى للقائد مثلك لايسامح فيما هو عليه الآن، وأخذ يذكره بفضله ومكانته، وكيف أنه كرس حياته كلها للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وأنه عرض نفسه للموت مرات كثيرة، فما كان من القائد إلا أن أخبره أنه لم يخطر له علي بال مسألة خوفه من الموت، لأن الفارس والقائد العظيم، ولكن كل ماكان يحمل همه لو أن هذا القاضى العظيم بلغه وفاة القائد فكيف يكون حاله وماسيحدث له، ولهذا بكي من أجل تلك اللحظة.
وتابع، رحم الله القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي لما قدمه للإسلام والمسلمين، ورحم القاضي الفاضل الذي عرف عنه العدل والتسامح وسعه الصدر القاضي ضياء الدين بن الشهرزورى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة