هل تعرف ما هو الفَخُّ ؟ هو الشَّرْك أو الطُّعْم، الذي ينصبه لك عدوك ليُوقعك فيه، ولكن هل دائمًا ما يكون هذا العدو هو المُخطئ ؟! لو منحنا أنفسنا فُرصة للتفكير، سنُدرك أن المرة الأولى لك والثانية عليك ، فللأسف ، نحن نُخطئ عندما نُعطي مفاتيح شفرتنا لهؤلاء الآخرين ، فنحن هنا نعطيهم بأيدينا الطُّعْم الذي يصطادوننا به، فمثلاً الشخص الرومانسي عندما يظهر هذه الرُّومانسية، ويتحدث عن حرمانه منها، فهو يسمح لمن يستهدف اقتناصه بأن يضع لهم طُعم المشاعر الجياشة؛ لكي يستميله إليه، وعندما يتيقن أنه قد تملكه، يبدأ في التلاعب به وافتراس أحاسيسه وأعصابه، فهل هناك خلاف على أن الضحية هي التي سهلت الطريق للصياد في هذه الحالة.
ومن يشتكي من ضيق الحال وقلة المال، لكل من يعرفه، فهو يُعطي الفرصة لضعاف النفوس لكي يضعونه في أصعب اختبار، وهو الاختيار ما بين احتياجه للمال وبين مبادئه وأخلاقه، ومن تشتكي لأحد زملائها، من سوء معاملة زوجها لها، فهي تضع يده على نقطة ضعفها وحرمانها، وتُمهد له الطريق دون أن تدري، لكي يقتحم مشاعرها من خلال ملئ فراغها، فتتحول لخائنة.
فالفخ دائمًا منصوب ، ولكن نحن أحرار ، إما أن نبتعد عنه ، ونتجنبه شَركه ، وإما أن نُغامر ، فندفع الثمن من حياتنا وأعصابنا، والغريب أننا أحيانًا نقع في الفَخِّ، ونُصبح ضحايا، وتأتينا الفرصة لكي نقف مرة أخرى على أقدامنا، فبدلاً من أن نُعطي ظهرنا له، ونبتعد عنه، نجد أنفسنا نقترب ثانية، عندما نرى الطُّعم أمامنا مرة أخرى ، فنلهث نحوه بدون وعي، كالظمآن الذي وجد أمامه نقطة ماء، رغم يقينه من أنها لن ترويه، ولكنه لا يفكر ، يلهث خلفها، مهما كانت النتائج، وللأسف ، نقع في الفخ مرة أخرى، ونتجرع مرارة الغدر والخيانة، فمن يظن أن عدوه قد استيقظ ضميره، فهو مُخطئ ، فمن اعتاد أن يُوقِع الآخرين في الفَخِّ، لن يتغير، فهذه طبائعه .
فحُكِي أن عُصفورًا مر بفَخٍّ، فقال العُصفور له : "مالي أراك مُتباعدًا عن الطريق ؟" فقال الفّخُّ : "أردت عُزلة الناس؛ لآمن منهم ويأمنوا مني"، فقال العُصفور: "فمالي أراك مُقيمًا في التراب"، فقال: "تواضعًا"، فقال العُصفور: "وما هذه القصبة؟"، قال الفَخُّ: "هذه عصاي أتوكأ عليها"، قال العصفور: "فما هذه الحَبَّة؟"، قال الفخ: "أتصدق بها"، قال العُصفور: "أيجوز أن ألتقطها"، قال الفَخُّ: "إن احتجت فافعل"، فدنا العُصفور من الحَبَّة، فانطبق عليه الفَخُّ "، فصاح العُصفور ألمًا"، فقال الفَخُّ: "قل ما شئت، فما لخلاصك من سبيل، فمن لا يعرف عدوه الذي اعتاد قتل إخوانه، لا يستحق المساعدة".
وفعلاً، من لا يتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين، يستحق عندما يقع في الفَخِّ ، ألا يساعده أحد، فطالما أن هناك من اعتاد أن ينصب الفَخَّ، فهناك أيضَا من اعتاد أن يقع فيه، وهؤلاء لا يستحقون المساعدة ؛ لأنهم في كل مرة سيقعون في الفَخِّ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة