بعد انقضاء الشهر الكريم بأيامه ولياليه المباركة وضجيجه الدرامى والإعلانى الضخم، الذى لا يتناسب بكل مقاييس العقل والمنطق مع كونه شهرا للصيام والقيام وقراءة القرآن والتسارع فى فعل الخيرات، لعل الله يتقبل منا جميعاً ويجعلنا من الفائزين .
وبعيدا عن حسابات الأرقام التي يتسابق المتسابقون من نجوم وصناع الأعمال الدرامية للفوز بها و الإستطلاعات والإستفتاءات التي باتت هي الأخرى معيار لقياس جودة العمل الفنى والتى غالباً ما تكون منافية تماماً لرأى وهوى الجمهور، ولكنها حتماً تقوم على حسابات أخرى، فقد طغت طلة الفنان المبدع يحيى الفخرانى الصادقة على كل تلك الحسابات وأطاحت بكل السباقات، فبغض النظر عن موضوع العمل، وبعيداً عن تقييمه فنياً لأننى كما ذكرت سابقاً لست بصدد التقييم، فقد أثبت الرائع يحيى الفخرانى أن البساطة و التلقائية فى الأداء هى الأقرب والأقصر طريقاً لاقتحام قلوب المشاهدين وجذبهم للمشاهدة .
فتحية وتقدير للنجم المبدع لطلته البسيطة الهادئة وسط سيل جارف من الأعمال التى لم تترك حتى القليل من الدقائق لقرآن المغرب !
ألم يدرك السادة المسؤولين عن منظومة الإعلام بعد أن هناك خطأ كبيرا عليهم التوقف عنده فى محاولة جادة لتداركه ألا وهو الدفع بكل هذا الكم من الأعمال فى شهر واحد ؟
فتصبح النتيجة : أن يتم إهدار تلك الأعمال و ضياع فرص مشاهدتها و تقييمها تقييماً موضوعياً ، إذ أن المشاهد يظل حائراً بين القنوات للتعرف علي غالبية المعروض ، فيكتفي ببعض المقتطفات من هذا و ذاك دون الإنتباه و المتابعة الجيدة لعمل بعينه مثلما كان يحدث بالماضي قبل غزو الفضائيات و تحول العملية إلي مسألة تجارية بحته هدفها الأول و الأهم هو جذب أكبر قدر من المعلنين !
كما لو كان رمضان مخصص للمسلسلات و الإعلانات و البرامج الكوميدية و خاصة برامج المقالب السخيفة لا الصيام و القيام و قراءة القرآن !
وكذلك : أين المسلسل التاريخي و الديني وسط هذا الكم الضخم المتضخم من الإنتاج الدرامي ؟
ألم يكن العمل التاريخي الديني من أهم أعمال رمضان و الذي كان بحق ذو فائدة كبيرة للمشاهدين بجانب كونه طقس من طقوس الشهر الكريم ؟
أين أمثال " لا إله إلا الله و هارون الرشيد و الفرسان و عمر بن عبد العزيز و و محمد رسول الله " و غيرها من الأعمال القيمة ؟
لم يعد لها وجود في ظل احتكار المنتج الخاص و انحسار دور الدولة الذي كان بالماضي القريب هو الدور الأساسي و الأهم .
لعلنا فى المستقبل القريب وبعد قطع شوط معقول في عمليات الإصلاح الإقتصادي نري عودة سيطرة الدولة علي الإنتاج و تدخلها تدخلاً من شأنه إصلاح تلك الأوضاع المعوجة و استعادة هيبتها و عودة الأمور إلي نصابها المنطقي .
نهاية : فالفائز الحقيقي فى رمضان هو من انصرف عن كل هذه المغريات التي لا تسمن و لا تغني عن جوع واستثمر وقته استثماراً جيداً في أداء طقوس الشهر الكريم بصيامه و قيامه و صدقاته و تلاوة قرآنه .
تقبل الله منا و منكم جميعاً وأعاده علينا وعلى مصرنا بكل خير و سلام وأمان .
و كل عام و أنتم بخير
عيد سعيد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة