لا ينصلح حال المجتمع بين يوم وليلة، ولن ينصلح الوضع الاقتصادى بمجرد صدور قرار أو تبنى سياسة، فالإصلاح منظومة كبيرة، لا يجوز أن نمشى فيها بقدم واحدة، ولهذا ولكى يشعر المواطن العادى بأهمية الإصلاح الاقتصادى وجدواه، فلا بد من تبنى حزم إصلاحات موازية، ترفع كفاءة الجهاز الإدارى، وتعمق من دور الرقابة القانونية والمجتمعية، وتصون كرامة المواطن وحياته، وتكفل الحماية لمن يستحق الحماية.
تلك فلسفة متكاملة، تبرز أن الدولة حينما تبنت مهمة الإصلاح الاقتصادى كانت على حق، ففى مقال سابق قلت: «خدوا الدعم واعطونا دولة»، ولا يجب أن ينظر الواحد إلى كل خطوة تتخذها الحكومة فى سبيل الإصلاح الاقتصادى وكأنها شر مطلق، بل يجب علينا أن نقدر مسؤوليتنا تجاه وطننا، وأن نضع أنفسنا ولو للحظة مكان صانع القرار الذى لا يحب بأى شكل من الأشكال أن يكون فى موضع سخط أو أن يتخذ قرارا من شأنه أن يزيد الغضب المجتمعى، فالأنظمة الاقتصادية العالمية معروفة وواضحة أما نظام شمولى يأخذ كل الموارد، ويمنح بقدر ما يريد أو نظام حر يدير الموارد ويقدم الخدمات ويترك الحرية للعرض والطلب فى تحديد أسعار السلع والخدمات، وقد تبنت مصر من ثورة يوليو النظام الشمولى، وأدخلت إليه بعض المفردات الرأسمالية فى السبعينيات، فصارت هجينا اقتصاديا لا يستوى معه تعميم أى سياسية.
يوما بعد يوم أيقنت النظم الاقتصادية من أن الشعارات الكبيرة قاسية إلى حد لا يحتمله أحد، فأدخلت النظم الشمولية هامشا من الحرية الاقتصادية إلى سياستها، وهو ما تصنعه الصين الآن، وأدخل نظام حرية السوق الكثير من البرامج لحماية غير القادرين، وهو ما تفعله أوروبا وأمريكا الآن، ولهذا النظام حسناته وسيئاته وللآخر نفس الشىء، والآن تسير مصر فى اتجاه نظام حرية السوق، لذا يجب على الجميع الإيمان بحتمية تبنى نظام اقتصادى واضح، كما يجب النضال من أجل الحفاظ على مكاسبه وتجنب سلبياته، ومن أهم هذه الإيجابيات أن ندعم الأجهزة الرقابية التى تقى المواطن من جشع التجار ومقدمى الخدمات، كما يجب أن ندعم قيم اقتصاد السوق، وأهمها تدعيم مبادئ تكافؤ الفرص ومنع الاحتكار والغش التجارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة