ولد فى البصرة سنة 243 هجرية، واشتهر بالحلم والذكاء، لدرجة أنه كان يذكر عن جده حديثا قاله له وهو ابن أربع سنين فقط، وكان يردده باستمرار، نشأته القضائية أثرت عليه حيث نشأ فى بيت القضاء، وكان أبوه قاضيا، واستخلفه على القضاء فى حياته، ففى سنة 284 ولى قضاء عدد من المدن، وجلس فى المسجد الجامع بالمدينة، إنه قاضى القضاة محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل، المعروف بـ"القاضى أبو عمر".
"ابو عمر" كان له مواقف قضائية عديدة حيث يقول ابن كثير: "وكان من أكبر صواب أحكامه وأصوبها قضاؤه بحل دم الحسين بن منصور الحلاج، الأمر الذى أدى إلى مقتله.
قصة مقتل "الحلاج" تتلخص فى أنه أحضر لـ"أبو عمر" كتابا ذكر فيه أشياء كارثية ما أنزال الله بها من سلطان وهى أن من جاور بمقابر الشهداء وبمقابر قريش عشرة أيام يصلى ويدعو ويصوم ثم لا يفطر إلا على شيء من خبز الشعير والملح أغناه ذلك عن العبادة فى بقية عمره، وأن من أراد الحج ولم يتيسر له فيمكنه الحج فى بيته، وتكتب له حجة ببناء مكان فى البيت لا يداخله أحد ويطوف حوله ويؤدى مناسك الحج فى بيته فتكتب له حجة، كما أن الكتاب ذكر أن من صلى فى ليلة ركعتين من أول الليل إلى آخره أجزأه ذلك عن الصلاة بعد ذلك، وأن من صام ثلاثة أيام لا يفطر إلا فى اليوم الرابع على ورقات هندبا وهو نبات برى أجزأه ذلك عن صيام رمضان.
وحينما سأل "أبو عمر" الحلاج عن مصدر حديثه، فنسبه لكتاب الإخلاص للحسن البصرى فكذبه" أبو عمر" قائلا: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن بمكة ليس فيه شيء من هذا، فجاء الوزير على القاضى فقال له: قد قلت: "يا حلال الدم" فاكتب ذلك فى هذه الورقة وألح عليه، فكتب ذلك فى تلك الورقة وكتب من حضر خطوطهم فيها أى قام من حضر بالتوقيع فيها أيضا.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قام الوزير بإرسال الورقة التى دون بها محضر الجلسة وذكر بها عبارة يا "حلال الدم" إلى المقتدر، فقتل الحلاج بعدها بثلاث أيام".
سجن أبو عمر ليلة واحدة فى السجن، بسبب نكثه بيعة الخليفة، ورأى فى السجن ذبح اثنين من السجناء على يد حرس السجن، وأخرجه الوزير بن الفرات، واشترى ذنبه بـ100 ألف دينار، وحينما نظر إلى وجهه فى المرآة وجد أن الشعر الأبيض ظهر فى لحيته على الرغم من جلوسه فى السجن ليلة واحدة بسبب صعوبة ما تعرض له.
يقول الدكتور محمد عبدالعاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، فى تفنيده للطريقة التى يتعامل بها القاضى أبو عمر مع المشاكل والقضايا التى تواجهه ويفصل فيها، الشورى والعدل، ونبذ الظلم والتفرقة بين الناس وعدم الانفراد بالقرار.
وأضاف، أن حل كل مشكلة أو الفصل فى أى قضية يجب أن يتم عن طريق اختيار الوسيلة التى تناسب العصر التى تتزامن معه تلك القضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة