«الفشل ليس سوى فرصة لتجربة طريق آخر»، هذه المقولة الخالدة لهنرى فورد، تنطبق كليًا على مبتهل شاب حيث بدأ حياته، فى بلدته بشتيل البلد بمحافظة الجيزة، قارئًا للقرآن الكريم فى الحفلات والمآتم وإمامًا للمصلين فى المساجد، إلى أن قرر الالتحاق بالإذاعة ليلحق بركب كبار القراء، غير أنه تم رفضه مرتين فقرر التفكير فى طريق آخر وهو الابتهالات، عملا بنصيحة شقيقه الأكبر ونصيحة لجنة اختبارات القراء فى الإذاعة.
فى حلقة جديدة من سلسلة «المداحون» التقينا المبتهل الشاب أحمد عبدالفتاح البشتيلى، الذى يرى أن جمهور الابتهالات الدينية انقرض على عكس الماضى، متمنيًا أن تهتم الدولة أكثر بالمبتهلين وكان هذا الحوار..
فى البداية كيف ولماذا اخترت مجال الابتهالات الدينية؟
- فى الحقيقة أنا فى الأساس قارئ للقرآن الكريم، حيث ألحقنى والدى وأنا فى سن صغيرة بكٌتاب القرية لحفظ القرآن الكريم، ثم الأزهر الشريف وتخرجت فى كلية الشريعة والقانون عام 1977، وحصلت على دبلومة فى الشريعة الإسلامية من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ومنذ أن كنت فى المرحلة الإعدادية بدأت موهبة تلاوة القرآن الكريم تظهر لدىّ، حيث كنت أتلو أمام أصدقائى وكان أهالى القرية يجعلوننى إمامًا لهم فى الصلاة، ولم أحترف التلاوة إلا بعد تخرجى، واقترح علىَّ البعض أن أتلو القرآن الكريم فى المآتم ولكننى فى البداية رفضت لأننى استمعت لبعض المشايخ يحرمون هذا، فأشار على شقيقى محمد بالتوجه إلى لجنة الفتوى والسؤال عن تحريم ذلك من عدمه، وبالفعل أرسلنا السؤال للجنة الفتوى وكان الرد بأنه جائز ومن هنا بدأت أقبل دعوات تلاوة القرآن الكريم فى المآتم والاحتفالات، وتقدمت للإذاعة مرتين وفشلت فتقدمت كمبتهل ونجحت.
حدثنا عن هذه الفترة بشكل مفصل.. لماذا تم رفضك ولماذا تقدمت كمبتهل؟
- شقيقى الأكبر محمد يهوى عزف العود والتلحين، وكنت أحب الاستماع إليه وأحفظه، واستفدت كثيرًا منه حيث تعلمت المقامات الموسيقية بطريقة غير مباشرة، وكان هو يوجهنى كثيرًا، واقترح علىّ اللالتحاق بالإذاعة وبالفعل تقدمت للاعتماد كقارئ قرآن كريم عام 2003، وكان من بين أعضاء اللجنة الشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ أحمد عيسى المعصراوى والدكتورة هاجر سعد الدين رئيس الإذاعة وقتها، وسألونى هل أؤدى ابتهالات ولكننى وقتها لم أكن أقول ابتهالات وأعطونى أجل 6 أشهر وذهبت مرة أخرى ولم يقبلونى أيضًا، ولم أيأس، فالشيخ محمد محمود الطبلاوى قدم 12 مرة وهو الآن الطبلاوى بقامته وتاريخه، وكذلك الشيخ الشحات محمد أنور، والذى نطلق عليه لقب خميرة النغم، تقدم للجنة وطلبوا منه دراسة الموسيقى، لذلك أنا أرى أن الإصرار على التقديم هو إضافة وتحدى، وبعدها اقترح على شقيقى أن أجرب التقديم كمبتهل.
المبتهل أحمد عبد الفتاح البشتيلى
وهل تقدمت بعدها مباشرة للإذاعة؟
- بالفعل فكرت فى الأمر وبدأت أستمع لكبار المبتهلين، وذهبت للملحن مصطفى النجدى وتدربت معه جلستين، على مبادئ الابتهال، إلى أن تقدمت للإذاعة عام 2006، واجتزت الاختبارات، وكانت اللجنة وقتها مكونة من نفس الأعضاء، وفوجئت بهم يستدعونى بعد انتهاء الاختبار وقال لى الشيخ أبو العينين شعيشع: «خد يا ولا أنت منين.. أنت بتقول بشكل غريب.. أنت بتقلد مين؟ فقلت له أنا من بشتيل ولا أقلد أحد» واقترح الشيخ أحمد عيسى المعصراوى ضمى كقارئ قرآن كريم، فرفض شعيشع وقال هو مبتهل جيد ويقدم شكلا جديدا، وكان أول فجر لى كان فى سبتمبر 2007.
من أين تستقى كلمات الابتهالات التى تقدمها؟
- أستعين بكلمات الابتهالات من خلال النصوص الدينية المنتشرة على الإنترنت، واستعنت أيضًا ببعض الكتاب الحاليين، ومؤخرًا هناك مهندس اسمه أبو طالب محمود يؤلف لى كلمات بدون مقابل، وأطلب منه ابتهالات حسب كل مناسبة فمثلا فى رمضان يؤلف كلمات عن الشهر الكريم وكذلك فى المولد النبوى وهكذا، أما عن الألحان ففى البداية كان شقيقى يلحن لى الابتهالات، ولكن حاليا أؤدى معظم شغلى ارتجالى.
البعض يقول إن ألحان الابتهال ارتجال فى الأساس؟
- بالعكس الأصل فى الابتهال أن يكون له لحن، لأن كل المبتهلين الناجحين بدأوا بالاستعانة بملحنين ولكن مع الوقت وحينما يصبح خبيرا فى المجال يمكن له هنا أن يرتجل بل بالعكس سيبدع حينما يرتجل.
هل فكرت فى تكوين بطانة خاصة بك؟
- زمن البطانة والتواشيح انقرض، وأنا بالفعل أمنيتى تكوين بطانة وبدأت بالفعل فى عرض الفكرة على مبتهلين أصدقائى وكانوا يبدون إعجابهم وموافقتهم على الفكرة ولكن وقت التنفيذ يتكاسلون، لأن بروفات البطانة مكلفة ومجهدة.
كيف ترى حال الابتهالات والمبتهلين فى مصر الآن؟
- لدينا أصوات جميلة، لكن للأسف لا يوجد جمهور كبير مثلما كان قديما، فلو تتذكر مثلا فيلم رصيف نمرة 5 للفنان فريد شوقى، حينما نجح نجله فى الفيلم، أحيا حفل النجاح الشيخ محمد الفيومى وبطانته وأنشدوا قصيدة «النور قد أضاء لنا»، أما الآن فلم يعد مجالا للابتهالات فى أفراحنا ومناسباتنا.
ومن وجهة نظرك..كيف نحيى هذا الفن من جديد؟
- يمكن لهذا الفن الأصيل أن يعود لمجده من جديد، لو أن الدولة وأجهزة الإعلام تهتم بالابتهالات أكثر من ذلك ولا يكون الاهتمام قاصرا على المناسبات الدينية، فمثلا أتمنى لو أن الدولة تنتج برنامجا تليفزيونيا دوليا لاكتشاف مواهب المبتهلين وقراء القرآن الكريم على غرار برامج ومسابقات اكتشاف مواهب الغناء مثل the voice.
هل دعيت لإحياء حفلات خارج مصر؟
- كقارئ قرآن وليس مبتهلا، حيث تقدمت لمسابقة وزارة الأوقاف للمقرئين الذين يتم إيفادهم لإحياء ليالى رمضان فى خارج مصر، فسافرت فى عام 2008 إلى دولة البرازيل، وفى عام 2009 إلى تنزانيا، وعام 2010 إلى البرازيل مرة أخرى، وفى عامى 2011 و2012 إلى دولة أسبانيا، وعام 2015 إلى الهند.
رسالة توجهها لشباب المبتهلين؟
- أنصح كل مبتهل يٌريد أن ينجح فى هذا المجال أن يثقل نفسه بدراسة هذا العلم، فأنا حتى الآن حينما أجد فرصة لتنمية موهبتى من خلال دراسة مقامات وغيرها لا أتوانى فى انتهاز هذه الفرصة.
وما هو طموح الشيخ أحمد عبدالفتاح البشتيلى مستقبلاً؟
- طموحى أن أكمل تسجيل القرآن الكريم فى الإذاعة وأخرج على الهواء، فبالمناسبة لقد تقدمت مرة أخرى للإذاعة كقارئ قرآن، عام 2013 وبعد أن أتى دورى فى عام 2016، ودخلت الاختبارات وتم اعتمادى، ونجحت أيضًا فى اختبارات الشفهى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة