أكذب عليك لو قلت لك إن خبر زيادة أسعار البنزين خبر سعيد، وأكذب عليك لو طالبك بأن تتعامل معه باعتباره مجرد خبر عادى «والسلام»، لن تحترمنى لو حاولت أن أقنعك بعكس ما أشعر به وأعتقده، وهو ما تشعر أنت به كمواطن.
الرئيس السيسى نفسه لا يدعى ذلك، الرجل نفسه يعرف، أننا جميعا نعانى، ونتألم، ولكن «لازم نتألم» ليس حبا فى الألم ولا فى تكدير حياة المواطنين، ولكنه ألم مصاحب لجراحة كبيرة تأخرت كثيرا، تتم على مراحل للاقتصاد المصرى الذى يعانى من اختلالات هيكلية متوارثة من عدة عقود، استفاض الرئيس فى شرحها، مرات ومرات، وقال إنه يتحدث كثيرا فى الأمر لكى يعرف المواطن ويعرف متى بدأ الخلل، وإلى أى مستوى وصل بنا الحال لعدم علاجه أو التصدى له.
لو تحمل والدى ووالدك الإصلاحات الاقتصادية التى قام بها الدكتور عبدالمنعم القيسونى، نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية قبل 41 عاما، ولم يخرجوا فى مظاهرات غاضبة فى 18 و19 يناير عام 1977 رافعين شعار «سيد بيه يا سيد بيه كيلوا اللحمة بقى بجنيه، لو تحملوا قليلا من المعاناة، لما تجرعنا اليوم مرارة وقسوة وألم الإصلاحات الاقتصادية الصعبة، وإذا كان السادات رحمه الله تراجع أمام «انتفاضة الحرامية»، كما سماها، أو «انتفاضة الخبز»، كما سماها آخرون، وقرر سحب قرارات الإصلاح الاقتصادى، فإن السيسى ليس لديه هذا الخيار، لعدة أسباب منها أنه ليس لديه هذه الرفاهية، ولكن على رأسها شخصيته التى لا تقبل خداع الشعب، أو أن يبيع لهم الوهم، وضميره لا يسمح له أن «يعدى» مدته، ومن يأتى بعده يستلمها «خرابة»، وثانيا ثقته فى وعى الشعب وفى تفهمه، كما فهم واستوعب فى المرحلة الأولى، وثالثا لأنه لا يهمه سوى مصلحة هذا البلد، ولا شىء غير ذلك، لذلك فهو لا يخشى فى الحق لومة لائم، وليس له فى ألاعيب السياسيين الذين قد يخدعون ويناورون، ووصل به الأمر إلى رفضه لفكرة أن «تشيل» حكومة د. شريف الإصلاحات، وتحرك الأسعار وتعيد هيكلة وتوزيع الدعم، ثم ترحل وتأتى حكومة د. مصطفى مدبولى الجديدة من بعدها على أرضية بيضاء، والأمر لن يفرق كثيرا مع حكومة د. شريف، على اعتبار أنها «كده كده ماشية»، بل قرر أن تجرى الحكومة الجديدة الإصلاحات لأنه لا بديل، ولأننا «مبنعملش غلط» ومن لديه حل آخر فليتفضل يأتى به.
- نعم نعانى، وسوف نعانى؟
نعم ولكنها معاناة لفترة، تعتدل بعدها الكفة، وتأتى جراحة الإصلاح بنتيجتها المرجوة، وتعتدل كفة الاقتصاد المصرى المعوجة خلال عامين.
الرئيس قبل أيام فى إفطار الأسرة المصرية قال إننا سنعانى جميعا من أجل مستقبل أفضل، وهو يراهن على المصريين، وعلى وحدتهم وعلى تفهمهم لضرورات ما يتم، وأنها لمصلحة المواطن وليست ضده، والأهم أنه على ثقة من النجاح ما دام المصريون على قلب رجل واحد، وأنه كتلة صلبة لا يستطيع أحد أن ينفد من خلالها، ويبث سمومه وأفكاره الهدامة.
رضاء المواطن بإجراءات تحريك أسعار المحروقات، مرهون فى رأيى بمدى نجاح حكومة د. مدبولى الجديدة، فى التصدى لعدم حدوث موجة جديدة من التضخم وارتفاع الأسعار، لن يقبل المواطن أن نقول له إن الأمر متروك للآلية السوق والعرض والطلب، لابد أن تكون الدولة حاضرة وبقوة، وتظهر يدها القوية فى السوق، وتكون فاعلة، لا تترك المواطن يواجه مصيره فى مواجهة معدومى الضمير الذين يستغلون تحريك أسعار الوقود، ليكسبوا عشرة جنيهات أمام تحريك جنيه فى الوقود.
رضاء المواطن مرهون بأن يستشعر سريعا بأننا بالفعل أعدنا هيكلة الدعم له، وأعدنا توجيهه لبناء الإنسان، فى التعليم والصحة، وفى حماية الطبقات الأكثر احتياجا.
رضاء المواطن مرهون بأن يستشعر وسط معاناته مزيدا من التوسع فى قيم العدل والمساواة، ومواجهة الفاسدين المتجذرين فى كل الدواوين المصرية.
رضاء المواطن مرهون بالمزيد من فرص العمل، وأن تشرق شمس الاستثمار المباشر من جديد، وتتحول أقوال وزراء الاستثمار إلى مشروعات تنبض بالحياة وبالعمال، وبالمزيد من فرص الاسثمار.
رضاء المواطن مرهون بأن يرى مثيلا للسيسى على رأس كل محافظة، لأن الفساد فى المحليات «عدى الركب»، ووصل للحلق رغم جهود رجال الرقابة الإدارية الشرفاء.
نريد مثيلا للسيسى على رأسى كل دواوين العمل وفى كل جامعة وفى كل وظيفة.
رضاء المواطن ببساطة مرهون بأن يستشعر بتحسن حياته، وألا تتحول إلى قطعة من العذاب.
الأرقام كبرت، أم صغرت لا تعنى شيئا.. معاك ألف جنيه.. السؤال المهم ماذا يمكن أن تشترى بها سلعا أو خدمات؟
الحكم على قرارات إصلاح الاقتصادى فى الشارع المصرى، الذى سيعطى النتيجة هو المواطن، وإجابته بالتأكيد ستكون دقيقة.
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن حلمى
تحية للرئيس الشجاع الذى أنقذ وحرر مصر . وسيكتب التاريخ أنه سبب نهضة مصر .
مقال أكثر من رائع ... وأى واحد حتى لو مش بيفهم حيفهم !!! نحتاج الرئيس السيسى فى كل مكان فى مصر لتكون مصر فعلا " أد الدنيا" .