نحن فى مونديال روسيا، عيد كرة القدم فى العالم، حيث تتفاخر الشعوب بمنتخباتها المتأهلة للحدث العالمى وتستعرض المنتخبات مواهب لاعبيها وقدراتهم القتالية ومهاراتهم، ويقدم كل لاعب نفسه من جديد لعشاق اللعبة ولجميع سكان الأرض المتابعين للحدث الرياضى الأكبر وللأندية الباحثة عن مواهب جديدة.
فى المونديال، المهارة غلابة، المهارة مفتاح الفوز وما أدراك ما الفوز بمباراة فى المونديال، سعادة شعب بكامله بالملايين ونسيان مشكلات اقتصادية طاحنة والسمو فوق خلافات سياسية وانقسامات طائفية مصنوعة وبزوغ الشعور الوطنى من خلف غيوم الاستعمار الجديد وحروبه الذكية.
لا نبالغ إذا قلنا إن فوزا واحدا فى المونديال قادر على تجاوز مشكلات عمرها عشرات السنين، فهو يفعل ما لا تستطيع فعله اللجان المنبثقة عن لجان ويصلح بين عائلتين أكلهما الثأر البغيض، فوز واحد فى المونديال يعيد الابن العاق إلى أهله، ويحل مشاكل المواريث ويجمع شمل العائلات الممزقة، ويصلح بين الجيران المتخاصمين، ويدفع العمال إلى بذل جهد أكبر فى أعمالهم، فالفوز أو الانتصار يمنح الشعور بالثقة والتفاؤل والقدرة على صناعة الإنجازات التى تبدو مستحيلة كما يفجر الطاقات الكامنة فى الإنسان، وقبل كل ذلك وبعده يجمع ويوحد ولا يفرق.
فى المونديال، رأينا كيف أنقذت المهارة منتخبات كبيرة من الخسارة وكيف منحت المهارة الفوز لمنتخبات أخرى وكيف تسبب غيابها فى خسارة منتخبات كانت تظن نفسها لا تقهر، كريستيانو رونالدو مثلا، بمهارته الاستثنائية نجح فى إنقاذ منتخب بلاده من هزيمة بالثلاثة أمام غريمه فى شبه القارة الإيبيرية منتخب إسبانيا، ورأينا كيف نجح الدون فى الحصول على ضربة جزاء وتسجيلها بمهارته ثم خطف الهدف الثانى من تصويبة ساحرة وتسجيل الثالث من ضربة حرة مباشرة ولا أروع ليلهى وراءه المنتخب الإسبانى بحثا عن التعادل، فلولا مهارات الدون لشهد البرتغال واحدة من أسوأ هزائمه أمام جاره الإسلامى اللدود.
وفى المقابل، استقوى المدير الفنى لمنتخب ألمانيا بإنجازاته السابقة فى لعب الكرة الجماعية شبه الآلية التى تعتمد على السرعة والتحرك بدون كرة والجمل التكتيكية التى ينفذها لاعبو الوسط والمهاجرون ليصلوا إلى مرمى الخصوم بأقصر الطرق، وتصور يواكيم لوف أن طريقة لعبه منزلة من السماء وجماعية الماكينات لا يأتيها الباطل ولا تحتاج مهارات استثنائية تصنع الفارق، ولذا استغنى عن الموهبة الفريدة ليروى سانى لاعب مانشستر سيتى، متحججا بأن طريقة لعبة لا تنسجم مع أداء ماكيناته الألمانية ، وشهدنا جميعا لقاء ألمانيا والمكسيك، حيث أحرز المكسيك الفوز بهدف من أربع تمريرات حاسمة هى تعبير عن مهارة التسليم والتسلم والتصويب على المرمى، بينما عجزت الماكينات، لأنها ماكينات عن ترجمة العديد من الفرص إلى أهداف، فاللاعبون افتقدوا الحرفنة والتصرف غير المتوقع بالكرة والقدرة على التسجيل من الكرات الميتة، بمعنى آخر افتقدوا مهارات سانى نتيجة مكابرة لوف.
بالنسبة لمنتخبنا، كان الأجدر بكوبر وجهازه المعاون أن يبحث عن أفضل بديل مهارى لمحمد صلاح فى الناحية اليمنى، لابد أن يكون لاعبا حريفا مهاريا يستطيع التحرك بسرعة بالكرة وبدون كرة، ويراوغ ويصل إلى مرمى الخصم وقدمه مظبوطة على التلات خشبات، ومع احترامى لعمرو وردة المكافح ورمضان صبحى، لا يسدان فراغ صلاح أبدا ولا يستطيع أى منهما أن يعوض خمسين بالمائة من مجهوده وعطائه وتركيزه ومهارته، والحل الوحيد كان فى الاستعانة بحسين الشحات المتألق فى تجربته الاحترافية بالعين الإماراتى ودورى أبطال آسيا، لكن كوبر وجهازه المعاون اتخذوا قرار استبعاد الشحات بدون أى مبرر مقنع، ورأينا آخر وردة وصبحى أمام أوروجواى، كم مرة وصلا للمرمى؟ كم مرة سددا على حارس أوروجواى؟ كم مرة دخلا منطقة الست ياردات أو حتى منطقة الـ18؟ يا جماعة المهارة غلابة ولو رميت أوراقك الكسبانة، تأكد إنك هتدفع الثمن غالى وهتهدى خصومك أسباب الفوز.