فى مشهد أقرب للكوميديا قام شخص فى تورونتو بكندا، بسرقة لوحة للفنان المجهول بانكسى، وقامت كاميرات المتحف بالتقاط فيديو كامل للرجل من أول دخوله وحتى خروجه باللوحة، وهو أمر إجرامى لا جدال فى ذلك ويجب القبض على الرجل ومحاكمته، لكن الغريب أن الكثير من المواقع التى علقت على الحادث وصفت الرجل بـ«الوقح»، وفى الحقيقة لا أعرف لماذا؟
قام الرجل بسرقة لوحة «Trolley Hunters» أو «صائد العربات» وقد تحدى كل شىء بفعلته، فالسرقة لم تتجاوز الدقيقة الواحدة، بل حسب الفيديو هى أربعون ثانية فقط لا غير، استطاع خلالها «الحرامى» أن يدخل مخفيا وجهه ويمر من أمام الكاميرا ويغيب ويظهر مرات عديدة ثم يخرج حاملا لوحة دون أن يوقفه أحد أو حتى ينتبه إليه أحد.
أما اللوحة والتى يظهر فيها رجال يصطادون عربة تسوق بأدوات حجرية، والتى يقدر سعرها بحوالى 29 ألف يورو، فيبدو أن اللص وقع فى غرامها من قبل، وقرر سرقتها بالتحديد، لأنه اتجه إلى مكانها مباشرة، رغم أن المعرض به نحو 80 لوحة أخرى، وهذا يعنى أن «اللص» قد زار المعرض فى موعد زيارة الجمهور، لذا بتفريغ كاميرات المعرض خلال الأيام الماضية والتى بدأت يوم 14 يونيو الجارى يمكن بسهولة التوصل إلى «اللص» قبل أن يتصرف فى اللوحة ويبيعها.
نعود إلى موضوعنا الرئيسى، لماذ وصف الجميع اللص بالوقح؟ هل لأنه تجرأ وقام بفعلته؟ أم أنه استهان بكل شىء وكشف التراخى الأمنى؟ أم لأنه سرق لوحة فنية؟ أم أنها صفة تلحق اللصوص بمناسبة أو بدون مناسبة؟
فى رأي» أن لفظة «وقاحة» لا تتناسب مع ما قام به اللص، واعتراضى هنا، أنه لا يجوز أن نطلق الصفات كما يتراءى لنا وكما يظن أحدنا ثم يتبعه الآخرون دون منطق، لأن ذلك سوف يصنع خللا كبيرا فى تلقى المعلومة، وبالتالى يقدم نوعا من التضليل فى التصرف والسلوك، فمثلا لا يجوز أن أصف القاتل بأنه «بذىء» حتى لو كانت هذه إحدى صفاته، لأنه فى هذه اللحظة القاتلة التى أسال فيها دما وأنهى فيها حياة هو «دموى، وحش، بلا قلب، قاس» وصفات أخرى من هذا القبيل وليس بذيئا.
هل أنا أبالغ بعض الشىء فى الانتباه لمثل هذه الأشياء؟ لا أظن ذلك، لأننى أؤمن بأن منطق اللغة هو منطق التفكير، وأعتقد أن الحكومة الكندية لو كانت تبحث عن رجل «وقح» فلن تصل للمجرم، لكنه لو بحثت عن «لص اللوحات» فسوف تجده.