على رأس الملفات ذات الأولوية أمام الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى يأتى ملف العلاج والصحة والدواء، وهو ملف يحتاج إلى تحول كمى ونوعى فى نظام العلاج وأحوال المستشفيات والأطباء والتمريض والدواء، تمهيدا لتطبيق نظام التأمين الصحى الشامل، الذى يتوقع البدء فى تطبيقه خلال شهر سبتمبر المقبل.
ومعروف أن الإجراءات الاقتصادية، هدفها تقليل عجز الموازنة وأيضا توفير فوائض يمكن إنفاقها لإحداث نقلة فى الخدمات وعلى رأسها الصحة والتعليم.
لقد تولى وزارة الصحة خلال السنوات السبع الأخيرة وزراء من كل الاتجاهات، وبقيت أحوال المستشفيات العامة والمركزية متراجعة، بالرغم من حجم الإنفاق على الصحة، وظل نظام العلاج على نفقة الدولة هو السبيل الوحيد ليحصل غير القادرين على العلاج، ومعهم قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى، تعجز عن توفير تكاليف العلاج فى المستشفيات الخاصة أو الأمراض الخطيرة.
ومن المفارقات أنه وبالرغم من حال الصحة والمستشفيات، نجحت الحكومة فى توفير العلاج لمئات الآلاف من المواطنين المصابين بفيروس الكبد الوبائى سى، واعترفت وأشادت به المنظمات الصحية الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، ودعت هذه المنظمات دول العالم لاتباع النموذج المصرى.
وإذا كنا نجحنا فى مواجهة فيروس الكبد الوبائى، هناك حاجة لدراسة هذه التجربة، والتعرف على أسباب نجاحها، وتعميمها فى باقى مجالات الصحة والعلاج، وإذا كنا نتحدث عن نجاح تجربة محلية فى علاج فيروس سى فأن هناك أيضا تجارب لمراكز ومستشفيات أهلية نجحت فى تقديم علاج مجانى بإمكانات عادية وبناء على التبرعات الأهلية ومنها مركز القلب فى أسوان التابع لمؤسسة الدكتور مجدى يعقوب، وقبله مركز الكلى فى المنصورة الذى اسسه العالم الدكتور محمد غنيم، وهى تجارب نجحت فى تقديم العلاج من خلال نظام إدارى وعلمى وطبى محكم يتلافى عيوب العلاج العام والخاص أيضا.
ومع تعيين وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، وهى ذات خبرات فى الاطلاع على عمل المؤسسات الأهلية الطبية، وعليها أن تسعى لدراسة تجارب المؤسسات الطبية الأهلية الناجحة والتعلم منها فى وضع أسس نظام العلاج والصحة فى مصر، ونحن على أبواب البدء فى تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل بمحافظات القناة.
التجارب الناجحة لمؤسسات أهلية طبية تشير إلى أن الإمكانات المادية ليست العنصر الحاسم فى تقديم خدمة طبية محترمة، لكن هناك أنظمة التدريب والتفرغ للأطباء والطواقم الطبية مقابل الحصول على رواتب معقولة، تغنى الطبيب عن العيادة الخاصة أو التنقل بين المستشفيات. لقد كان نظام التفرغ للأطباء معمولا به حتى السبعينيات، حيث يحصل الطبيب على مقابل عدم فتح عيادة، وظل المبلغ ثابتا ولا مانع من إعادة العمل بنظام التفرغ لمواجهة ازدواجية العمل وتضارب المصالح.
وزارة الصحة بحاجة إلى التعلم من المؤسسات الطبية الأهلية التى نجحت فى تحقيق نتائج مهمة بفضل أنظمة إدارية وعلمية، ولا مانع من أن تسعى وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد إلى التعاون مع نقابة الأطباء أو تشكيل مجلس يمكنه دراسة تجارب المؤسسات الناجحة والخروج بتوصيات لتطبيقها من أجل إنقاذ نظام العلاج والصحة لدينا من واقعه الصعب.
لدينا تجارب ناجحة فى مواجهة فيروس الكبد وإدارة المؤسسات الطبية الأهلية تقدم لنا دروسا مجانية يمكن أن نتعلم منها فى تطوير المنظومة الصحية والعلاجية.