كريم عبد السلام

من وحى المونديال.. الأندية أقوى من المنتخبات

السبت، 23 يونيو 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم كثرة المفاجآت بمونديال روسيا 2018، إلا أنه من أقل دورات كأس العالم متعة وإثارة واستعراضا لفنون الساحرة المستديرة، على الأقل خلال مباريات الدور الأول، فإذا استثنينا مباراة البرتغال وأسبانيا التى انتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق لم نشهد مباراة على مستوى كلاسيكو الأرض بين البارسا والريال، أو الديربيات الأوروبية الكبرى، بل على العكس، ظهرت كثير من المنتخبات الكبرى بمستوى مخيب للآمال، كما لم يفصح أشهر النجوم عن مهاراتهم المؤثرة مع منتخبات بلادهم مثلما يفعلون مع أنديتهم، ولعل الاستثناء الوحيد هو كريستيانو رونالدو الذى سجل ثلاثية لبلاده فى مباراة إسبانيا وهدف الفوز والتأهل لدور الـ16 أمام المغرب.
 
لماذا ظهرت كثير من المنتخبات بهذه الصورة المهزوزة المتواضعة، البرازيل بنجومها نيمار وكوتينيو وويليان وجيسوس وفيرمينيو ليست هى البرازيل التى توقعناها ساحرة ساحقة ماحقة يقدم لاعبوها دروسا فى مهارات الكرة دفاعا وهجوما، الماكينات الألمانية العظمى يبدو أنها شاخت أو أن طريقة مدربها المخضرم يواكيم لوف أصابها الوهن من فرط عدد اللاعبين الجاهزين، بل والمنتخبات الجاهزة التى يخوض بها المسابقات المختلفة، والأرجنتين بلد مارادونا وميسى وغيرهما من كبار أساطير العالم، تتعرض لنكسة كبرى فتتعادل وتهزم بثلاثية وتقترب من وداع المونديال وفرنسا بطلة العالم 1998 ظهرت بشكل غير مقنع وبدا منتخبها بدون هوية وبدون أسلوب وينتزع التأهل لدور الـ16 بفوزين هزيلين بهدفين لهدف على فرنسا وبهدف يتيم على بيرو.
 
لماذا يظهر هذا الفارق الكبير بين المنتخبات فى مونديال روسيا والفرق الكبرى فى دورى الأبطال الأوروبى أو فى البيج فايف الدوريات الأوربية الكبرى؟ أهو الفارق بين اقتصاديات الاحتراف التى لا ترحم وبين النزعة الوطنية التى لم تعد تأتى فى المقام الأول للاعبين المحترفين، على مستوى العائد المادى أو على مستوى الضغوط والحوافز التى تجعله يبذل أقصى ما عنده لفريقه، فيما يمكن أن يتخذ قرارا باعتزال اللعب الدولى فى أول سوء تفاهم بينه وبين مدربه أو إدارة منتخب بلاده؟
 
بالتأكيد صناعة كرة القدم تتجلى أوضح ما يكون فى الفرق الكبرى التى تطبق نظام الاحتراف والشركات الهادفة للربح، فهى سوق وبورصة يومية يتحدد فيها سعر اللاعب وقدر الطلب عليه بناء على كل ما يبذله من جهد وما يبديه من آراء وما يفعله من تصرفات داخل وخارج الملعب، فى حياة شعارها الصرامة والشقاء من أجل الحفاظ على المكان والمكانة، أما الوضع فى المنتخبات فيحكمه المشاعر الوطنية والرغبة فى تمثيل البلاد والدفاع عن علمها، ثم تأتى المميزات المادية فى آخر المغريات، ولذلك نرى لاعبين يتركون أوطانهم ليمثلوا بلادا أخرى، ولاعبين آخرين يتقدمون بطلبات لتغيير هوياتهم الرياضية بناء على هوياتهم السياسية الجديدة وما نالوه من حوافز ومغريات، ونرى الاعتزال الدولى لمناكفة المدرب. 
 
ينضاف إلى ذلك، سعى القوى الكبرى إلى تفتيت الدول فى مناطق عديدة من العالم، فيتحول لاعبو دولة مثل تشيكوسلوفاكيا إلى لاعبين لعدة دول، صربيا والتشيك والكروات والبوسنة والجبل الأسود، بعضها تأهل للمونديال وبعضها الآخر لم ينجح فى التأهل، لكن ما شعور اللاعب الذى كان يمثل تشيكوسلوفاكيا أو حتى يشجعها قبل أن تتفكك وهو يمثل مقاطعة فى بلاده أو يشجع إقليما واحدا فى بلاده السابقة؟
هل نتوقع فى المستقبل أن تتوسع مسابقة كأس العالم للأندية وأن تحتل شيئا فشيئا المساحة التى يشغلها فى قلوبنا المونديال؟ هل تضيع تدريجيا كل المسابقات التى تهتم بالمنتخبات فى زمن التفتيت والتقسيم ويحل محلها النادى الذى يجمع لاعبيه من أركان المعمورة الأربعة؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة