يسود اعتقاد جارف فى مصر أن أعظم الطرق وأسهلها لادخار الأموال هو الاستثمار العقارى، إذا كنت قد نجحت فى ادخار بعض المال فلا تترك هذه الأموال فى البنك، فالفوائد سيأكلها التضخم، وغلاء الأسعار، وتقلبات سعر الصرف، الأفضل أن تضع أموالك فورا فى عقار، شقة صغيرة، أو تاون هاوس بكومباوند حديث، أو فيلا إن فتح الله عليك، أو فى قطعة أرض قابلة للتصقيع ويمكن بيعها بعد عدة سنوات بأضعاف السعر الذى دفعته فيها عند الشراء من البداية.
هذه عقيدة مصرية خالصة، العقار هو الأفضل والأهم والأكثر أمانا، ولذلك فإن أكثر الشركات التى تحقق أرباحا طائلة فى مصر هى الشركات العقارية، ولذلك أيضا فإن شركات العقارات لا تجد مشقة فى إقناع الناس بمنتجاتها، فأى منتج صالح للاستهلاك الفورى على نحو مذهل، فبعض الشركات العقارية تبيع فيلا على البحر فى الساحل الشمالى بأكثر من 30 مليون جنيه للفيلا الواحدة، وتجد زحاما هائلا فى أول أيام الحجز إلى الحد الذى تشعر فيه أن مصر أصبحت عامرة بالمليونيرات، وبعض الشركات الأخرى تطرح وحدات صغيرة بأقساط طويلة المدى تشهد زحاما وتجمهرا تضطر بسببه الشركة إلى الاستعانة بالشرطة لتنظيم طوابير الحاجزين أمام مقار الشركة.
السؤال هنا.. هل هذه العقيدة الاقتصادية الاستثمارية المصرية صحيحة؟
هل هى نافعة للناس الذين يتصورون أن العقار هو الأكثر أمانا للمدخرات؟
وهل تنعكس هذه العقيدة بالخير على الاقتصاد المصرى أم أنها تحول كل المدخرات إلى غابات من الأسمنت لا عمران فيها ولا حياة على أمل أن ترتفع الأسعار فى المستقبل؟
هل هذا الاستثمار الأسمنتى الجارف يؤتى ثماره بالفعل فى حين أن مصر لاتزال تشهد مئات المشروعات العمرانية، وعشرات التجمعات السكنية الجديدة، وأغلب الوحدات فى هذه الغابات الأسمنتية مغلقة بالكامل، أملا فى إعادة بيعها بأسعار أعلى فى المستقبل؟
هل هذه العقيدة صحيحة فى وقت تتراكم فيه الوحدات أكثر من اللازم؟
وهل هذه العقيدة صحيحة فى وقت ينبغى أن توجه فيه مدخرات المصريين للاستثمار الصناعى القائم على الإنتاج أكثر من توجيه هذه الأموال للاستثمار الريعى القائم على إعادة تدوير غابات الأسمنت فى البلد؟
أسأل فقط..
لمصلحة الناس
ولمصلحة البنوك
ولمصلحة مصر بالكامل
هل ينبغى أن نستسلم لهذه العقيدة الخطرة من وجهة نظرى، أم أننا يجب أن نعد دراسة شاملة عن عدد الوحدات المغلقة فى البلد التى يرجو أصحابها تصقيعها وإعادة تدويرها مرة أخرى فى المستقبل؟ أظن أن علينا أن ندرس ما إذا كان الاستثمار العقارى سيؤتى ثماره فى المستقبل أم سيؤدى إلى ضيق فى شرايين السيولة النقدية فى البلد، وتقديس لما يسمى بـ«الثروة العقارية»، فى حين أن هذه العقارات لن تمثل أى نوع من الثروات مع حجم المتاح فى السوق، وحجم التصقيع العقارى فى البلد؟!
نحتاج إلى دراسة، ونحتاج إلى وقفة، ونحتاج إلى تأمل أين تذهب مدخرات الناس، وهل يجب أن نترك الناس لهذه المفاهيم، أم علينا أن نغير هذه العقيدة الاستثمارية لتذهب المدخرات إلى البورصة، وإلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وإلى تأسيس الشركات، وإلى حركة السوق تجاريا، وإلى الأفكار الصناعية لمنتجات صالحة للتصدير.
هل تتخيل ما الذى يمكن أن يحدث فى اقتصاد البلد لو أن هذه الأموال الموجهة للاستثمار فى الغابات الأسمنتية تم توجيهها للصناعات الصغيرة والمتوسطة، أو البورصة، أو المشاركة فى مشروعات إنتاجية للتصدير، ما حجم الربح المتوقع، وما تأثير ذلك على الناتج القومى الإجمالى فى البلد؟
أسأل فقط، وأتطلع إلى أن يتأمل خبراء الاقتصاد هذا المسار الاستثمارى المخيف فى مصر، وأتمنى أن تكون لدينا دراسة حقيقية عن قيمة هذا الاستثمار العقارى مقابل الاستثمارات الصناعية الأخرى، وكيف يمكن توفير فرص بديلة لأموال الناس بدلا من تحويل كل مدخراتنا إلى أسمنت لا يسمن ولا يغنى من جوع، ولن يكون له العائد المناسب بالمقارنة مع التوسعات العقارية المذهلة فى البلد.
أسأل فقط..
وتبقى مصر من وراء القصد
عدد الردود 0
بواسطة:
عفت المصري
مقال رائع
ياريت حد يقرا
عدد الردود 0
بواسطة:
sayedfarrag
متى يتم ضبط السوق العقاري المصري ؟
السوق العقاري المصري بحاجة إلى انضباط بقوانين صارمة تضمن حقوق المواطن ضد التلاعب والنصب والاعلانات المضللة والكاذبة .. كالتلاعب في مساحة الوحدات أو مستوى التشطيب أو العقود أو بيع الوحدة لأكثر من مواطن ، أو بيع وحدات على أرض لم تسدد الشركة كامل قيمتها للدولة أو البناء على أرض الغير ..الخ مشاكل لاحصر لها ... متى تكون هناك ضوابط ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين ابو اليسر
رسالة الى رئيس الوزراء
كلام الاستاذ/خالد صلاح مهم جداً ونرجو الدولة ان تنتبه لهذا الامر تقوم الدولة سنوياً ببناء الاف الوحدات السكنية لحل ازمة الاسكان وللاسف كل من يحصل علي شقة يقوم بغلقها انتظاراً لفرصة بيعها باعلى سعر لا صاحب الشقة استفاد وسكن بها ولا تركها لمواطن يريد فعلاً ان يجد شقة للسكن فلدى اقتراح كل من استلم شقة ومر عليه سنتان ولم يسكن فيها تسحب منه الشقة ويصادر المقدم والاقساط التى دفعها وبالتالى لن يتقدم للحصول على شقة الا من هو فى احتياج شديد لشقة لكى يسكن فيها
عدد الردود 0
بواسطة:
HOSNI
الطريق الصحيح
هذ هو الكلام الصحيح الذى ينبغى أن نتحدث فيه لكى يكون لنا مخرج من ازمتنا الأقتصادية والقضاء على البطالة بين الشباب وخاصة المؤهلين علميا منهم--- والحل ليس فى العقارات التى التهمت الأرض الزراعية وغير الزراعية وصنعت فئة متوحشة أقتصاديا ان هى باعت أو أجرت وحتى فى حالة التأجير فأن المالك يجبر المستأجر على دفع الضرائب العقارية وان رفض هدده بالطرد عند انتهاء مدة العقد والتى تكون قصيرة دائما--- ومن غير المتصور اقتصاديا ان يتجه الناس الى مجال العقارات ولا يتجهون الى مجالات الأنتاج والتصنيع وخلق فرص عمل لأبناء الشعب وتقليل الأستيراد وزيادة التصدير ويكون عند الشباب أمل فى أن يكون لهم عمل يستطيعون من خلاله تكوين أسرة ويشغلهم عن جلوس المقاهى والتدخين والسهر والمخدرات والحقد على الأغنياء وتولد الكراهية بين أبناء الوطن الواحد والتفكير فى الأنتحار أو الأنضمام لأعشاش خفافيش الظلام --- ليس من المعقول أن نستورد عصاية المكنسة والكوب الذ ى نشرب به والحلة التى نطبخ فيها والطبق الذى نضع فيه طعامنا وسلة القمامة التى نرمى فيها بمخلفاتنا-- ومجالات التصنيع لاحصر لها ولكنى ذكرت أمثلة من مجال الأدوات المنزلية والتى أصبح لى أحتكاك بها --- شكرا استاذ خالد صلاح على هذا المقال لابد من التصنيع ثم التصنيع ثم التصنيع----- محمد حسين عبد العال الباقورى
عدد الردود 0
بواسطة:
مشمش 👀
وزاره الاسكان باسعارها المرتفعه....تغرى السوق العقارى الخاص برفع اسعاره ايضا...للاسف 😎👀
👀🙌...من النادر اعمل كومنت لمقالات الاستاذ خالد صلاح..ولكن ارجو ان يستمر فى هذا الملف الذى اصبح يسوده الفوضى والعشواءيه...مقاله محترمه واللهى العظيم
عدد الردود 0
بواسطة:
محاسب شركة عقارية
الهدف والوسيلة والفكرة
اذا كان الهدف " هو تحويل فكر التسقيع والتكديس العقارى الى فكر استثمارى تجارى او صناعى " فان الفكرة تتركز على "خلق فرص استثمار مغرية بعائد اعلى - من العقارات - لاصحاب الاموال وايجاد الاسواق المناسبة لتسويق منتجات او خدمات هذا الاستثمار بشكل امن ومنظم" ولذالك فان الوسيلة المطلوبة الان " هى العمل على خفض القيمة العقارية المتنامية" - وقف ارتفاع قيمة المدخلات من خلال منع الاحتكار واعادة فتح الاستيراد امام كافة العناصر المطلوبة - اعادة تقييم اثمان الاراضى بقيم عادلة وفقا لاسعار منطقية تتناسب مع الخدمات والمرافق والمواقع المناسب وبدون مغالاه - توفير وتيسير الحصول على سكن مرخص آمن بسعر مناسب بدلا من انتشار العشوائيات فى البناء والارتفاعات المخالفة. - خفض رسوم التراخيص كافة وتسهيل استخراج الرخص -خفض اتعاب الاستشاريين المعتمدين وتنظيم وتسهيل التعامل معهم مما يساهم فى زيادة الاعتماد على تلك المكاتب المعتمدة والمسؤلة عن جودة الاعمال وتامين التصميمات بما يناسب التربة والبيئة والاحمال المطلوبة. - حصر المقاولين حصرا دقيقا ومراقبة اعمالهم وتتبعهم ووقف مقولى الباطن من خلال منظومة تتماشى مع السوق المصرى لمنع التلاعب فى جودة الاعمال.