قطر تواصل "نزيف البترول" بعد انهيار ريادتها بعالم الغاز.. القطاع يسجل خسائر تاريخية بالعام الثانى للمقاطعة العربية.. خبراء يتوقعون توقف خطط توسع الإنتاج.. وتحقيقات الاتحاد الأوروبى بفساد عقود الدوحة آخر الأزمات

الخميس، 28 يونيو 2018 12:00 م
قطر تواصل "نزيف البترول" بعد انهيار ريادتها بعالم الغاز.. القطاع يسجل خسائر تاريخية بالعام الثانى للمقاطعة العربية.. خبراء يتوقعون توقف خطط توسع الإنتاج.. وتحقيقات الاتحاد الأوروبى بفساد عقود الدوحة آخر الأزمات تنظيم الحمدين والغاز القطرى
كتب – محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

للعام الثانى على التوالى تكبدت إمارة قطر الداعمة الرئيسية فى المنطقة للإرهاب والتطرف خسائر كبيرة فى مجال تصدير الغاز الطبيعى، خاصة عقب تغيير خريطة منتجى الغاز المسال فى العالم خلال الفترة الأخيرة بتراجع الدول التى كانت تتصدرها قطر بعد دخول العديد من الدول للسوق بقوة فى ذلك المجال.

وكان قد كشف عملاق تجارة الطاقة، "فيتول" أن الأسعار العالمية للغاز الطبيعى المسال ستواجه ضغوطا من فائض فى المعروض فى العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة، خصوصا فى الأشهر الأكثر دفئا.

وأوضح بابلو جالانتى اسكوبار، الذى يرأس أنشطة تداول الغاز الطبيعى المسال لدى فيتول، فى وقتا سابق أن الإنتاج الجديد للغاز الطبيعى المسال فى دول مثل الولايات المتحدة والكاميرون، والذى من المنتظر أن يبدأ فى الأشهر المقبلة يعنى أن الضغوط على السوق التى تشهد توسعا سريعا سيكون ظاهرا بشكل خاص.

- تراجع قطر عالميا

وكان قد كشف تقرير لوكالة "إيكوفين" السويسرية، للدراسات الاقتصادية أن الـ 10 سنوات الأخيرة شهدت تطورا نوعيا فى الغاز الطبيعى المسال، ما بين 2006 إلى عام 2016، موضحة أنه فيما كانت قطر أحد المصدرين الرئيسيين للغاز فى العالم من بين 15 دولة تليها استراليا ونيجيريا وماليزيا وإندونيسيا، تخطى عدد تلك الدول المصدرة للغاز 39 دولة.

وأشارت الوكالة السويسرية إلى أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة، احتلت أفريقيا مكانة هامة فى تلك الطاقة، بداية من مصر حتى موزمبيق، مرورا بالسنغال وموريتنيا، ما سحب البساط من تحت دول المنطقة على رأسها قطر.

ووفقا لتقارير دولية لمحللين ومراقبين، فأن ارتفاعا فى كفاءة الغاز المسال فى أفريقيا ستزيد إلى أكثر من 140 مليون طن حتى بداية 2020، بمعدل زيادة 44% حتى عام 2020.

وبحسب المنظمة الدولية للطاقة، فأن الطلب العالمى ينبغى أن يتخطى من 245 (مليون طن فى العام) عام 2015 إلى 375 (مليون طن فى العام) عام 2020 وإلى 470 (مليون طن فى العام) عام 2030.

وأضافت الوكالة السويسرية أن ذلك الأمر يعد "فرصة جيدة لأفريقيا"، موضحة أنه "خلال السنوات الخمس الأخيرة الماضية، زادت الشركات العالمية فى استكشاف الغاز الطبيعى فى كل مكان فى القارة الأفريقية، من مصر إلى موزمبيق عبر السنغال وموريتانيا، واكتشفت احتياطيات ضخمة، الأمر الذى يعزز وضع أفريقيا على خريطة إمدادات الطاقة العالمية عام 2020.

ولفتت الوكالة السويسرية أن هناك 8 بلدان فى أفريقيا، بالفعل تهدف إلى تطوير صناعة تسييل الغاز للاستهلاك المحلى أو للتصدير، وهى ساحل العاج، والكاميرون، ومصر، وغينيا الاستوائية، بوركينا فاسو، موزامبيق، السنغال وموريتانيا".

والغاز المسال هو غاز طبيعى، له خصائص تجارية عالية، بعملية تكثيف للغاز فى صورة سائلة لتسهيل عملية النقل خلال المسافات الطويلة لاسيما فى البحر، والغاز الطبيعى المسال يصل إلى الصورة السائلة عند تبريد الوقود فى درجة حرارة حول 160 درجة مئوية من الضغط الجوى.

وتتم عملية تسييل الغاز الطبيعى فى أربع خطوات رئيسية هى: تنقية، وتجفيف، وتسييل قبل التبريد. ويعد الغاز الطبيعى المسال أيضاً أرخص وسيلة لنقل الغاز بين نقطتين بعيدتين.

- فساد عقود الغاز القطرى

وفى سياق تدهور الدوحة فى مجال الغاز، أعلنت المفوضية الأوروبية، نهاية الأسبوع الماضى، عن أنها فتحت تحقيقا فى حرية تدفق الغاز الذى تبيعه شركة "قطر للبترول" داخل أوروبا، بعد اكتشاف شبهات فساد واحتكار فى تلك العقود.

ويركز التحقيق على ما إذا كانت اتفاقات بيع الغاز الطبيعى المسال إلى الشركات الأوروبية تكبح التدفق الحر للغاز فى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، حيث قالت مفوضة شئون المنافسة بالاتحاد الأوروبى، مارجريت فيستاجر فى بيان: "مثل تلك البنود قد تضر بالمنافسة وتحرم المستهلكين من الانتفاع بمزايا سوق طاقة أوروبية متكاملة".

وأضاف البيان "وستواصل اللجنة التحقيق فيما إذا كانت اتفاقيات قطر للبترول طويلة الأجل 20 أو 25 سنة، لتوريد الغاز الطبيعى المسال إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية تتضمن قيودا إقليمية مباشرة أو غير مباشرة".

وتابع البيان على موقع المفوضية الأوروبية "إذا ثبتت هذه الممارسات فقد يشكل انتهاكا لقواعد الاتحاد الأوروبى لمكافحة الاحتكار، وتضر بالمنافسة وتحرم المستهلكين من الانتفاع بمزايا سوق طاقة أوروبية متكاملة".

والبنود المعروفة ببنود الوجهة هى إحدى سمات عقود الغاز المسال طويلة الأجل وتلزم المشترى باستلام الشحنات فى ميناء محدد وتهدف لكبح المنافسة عن طريق منع أى مشتر من طرح الشحنات للبيع بسعر أقل من سعر المنتج الأصلى فى سوق ثالثة.

وكانت اليابان وجهت انتقادات قوية ضد قيود الوجهة فى عقود الغاز المسال، التى ترجع لوقت كانت الكلمة العليا فيه للمنتجين، بعدما حظرت لجنة التجارة الحرة اليابانية فى العام الماضى هذه الممارسة فى جميع العقود الجديدة.

وقال تريفور سيكورسكى المحلل فى إنرجى أسبكتس، أن قطر للبترول قد تواجه غرامة تصل إلى 10%، من الإيرادات العالمية إذا ثبت قيامها بممارسة تتنافى مع المنافسة.

واستطرد المحلل فى إنرجى أسبكتس "النتيجة الأرجح هى أنهم سيوافقون على إلغاء جميع بنود الوجهة فى عقود التوريد مع المشترين الأوروبيين".

وبخلاف التحقيقات التى يجريها الاتحاد الأوروبى، يعانى قطاع النفط والغاز القطرى من خسائر فادحة منذ بداية المقاطعة العربية لإمارة قطر ونظام تميم بن حمد قبل أكثر من عام، ردا على استمرار تنظيم الحمدين فى دعم وتمويل الإرهاب، وإيواء كيانات وتنظيمات متطرفة وتقديم الدعم المباشر وغير المباشر لتلك الكيانات.

وينافس قطاع النفط والغاز القطرى على صدارة القطاعات التى فقدت الكثير من أرباحها وخططها التوسعية منذ بداية المقاطع العربية للإمارة الراعية للإرهاب، حيث أكدت تقارير غربية عدة أن خطط قطر للتوسع فى إنتاج الغاز 30% خلال العام الحالى توقفت بل وفى طريقها للانحسار.

- خسائر قطاع النفط القطرى

وفى انعكاس لحجم الخسائر التى تكبدها قطاع النفط والغاز القطرى، وحجم ما هو متوقع من اخفاقات مرتقبة، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى فى وقت سابق توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من مستقر إلى سلبى، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول فى حال تراجع التصنيف السيادى لقطر.

وأوضحت الوكالة، أن التخفيض يرجع إلى كون ملكية هذه الشركات حكومية، مؤكدة على أن الشركات ستواجه صعوبات فى الحصول على تمويل حكومى مما سيجعلها تتخلف عن التزاماتها لتسديد ديونها.

وحذر خبراء دوليون، من أن إقدام دول الرباعى العربى على فرض عقوبات جديدة ضد قطر تشمل تعطيل شحنات الغاز الطبيعى ومنع السفن الناقلات التى تحمل شكل فائق التبريد من الوقود من الوصول إلى الأسواق فى آسيا فى كل مكان سيكون بمثابة ضربة قاتلة للاقتصاد القطرى.

وقال خبراء فى مجال الطاقة، إن وفرة الإنتاج من الغاز الطبيعى أفقد الغاز القطرى المسال زبائنه، خاصة فى ظل ثورة الغاز الصخرى الأمريكى التى بدأت فى العام 2005.

وفى نهاية العام الماضى، كشفت وكالة رويترز، أن شركتى قطر غاز وراس غاز لإنتاج الغاز، بدأتا تنفيذ تخفيضات فى الوظائف جرى تأجيلها بسبب الأزمة الدبلوماسية بين قطر ودول مجاورة لها.

وكان من المخطط فى البداية تنفيذ خفض الوظائف فى يونيو، بعدما قررت الدولة الخليجية دمج وحدتى الغاز الطبيعى المسال التابعتين لقطر للبترول.

وكان الرئيس التنفيذى لقطر للبترول، قال إن اندماج راس غاز وقطر غاز سيساعد فى خفض تكاليف التشغيل بمئات الملايين من الدولارات فى أكبر منتج للغاز الطبيعى المسال فى العالم.

وقال أحد المصادر طالبا عدم نشر اسمه بسبب حساسية المسألة، إن بعض المهندسين تلقوا خطابات تعيين جديدة من الكيان الجديد المندمج، بينما تم إخطار آخرين بالاستغناء عنهم، وذكر مصدر آخر أنه جرى الاستغناء عن 500 موظف، ولم ترد قطر للبترول حتى الآن على طلب عبر البريد الإلكترونى للتعقيب.

بريطانيا تبحث عن بديل للغاز القطرى

وفيما تبدو ضربة اقتصادية جديدة لإمارة قطر الداعمة، أعلنت مجموعة مؤانى "ساوث هوك" البريطانية مؤخرا، والتى تعد أكبر مستورد للغاز الطبيعى المسال من قطر عن إيجاد بديل للغاز القطرى خلال الفترة المقبلة.

وذكرت تقارير خليجية، أن حجم الشحنات القادمة للميناء البريطانى أنخفضت إلى النصف منذ بداية عام 2018 الجارى، بالمقارنة مع مستواها قبل عام إلى 1.2 مليون متر مكعب وهو ما لا يتجاوز 15% من الأحجام المسجلة فى 2016 للفترة ذاتها.

ويسعى "ساوث هوك" إلى توسعة نطاق مواصفات الغاز الذى يستورده منذ يناير الماضى، وهو الاقتراح الذى نال الموافقة نهاية الأسبوع الماضى، من المكتب المشترك لناقلى الغاز وهو الجهة المسئولة عن قواعد نقل الغاز فى البلاد.

وتلقى الميناء الموافقة على زيادة حدود الأوكسجين فى الغاز الذى يزود به شبكة بريطانيا "بما يسمح بتنوع أكبر فى تركيبة الغاز للشحنات المستقبلية فى ميناء ساوث هوك للغاز الطبيعى المسال" وفقا لوثيقة الاقتراح التى قدمها الميناء إلى المكتب.

- أستراليا توجه لكمة للقطريين

وكانت مؤشرات جديدة برزت عن تزايد الخطر الذى يهدد هيمنة قطر على سوق الغاز الطبيعى المُسال فى العالم، وذلك فى ظل تفاقم عزلتها الخليجية والعربية، بعد ظهور الموردين الأستراليين على ساحة تصدير الغاز المسال فى السوق العالمى.

وأكدت تقارير غربية، أن هناك تحديات جديدة صارت تواجه قطر تتعلق بالكيفية التى ستتعامل من خلالها، مع الوفرة المتوقعة فى المعروض من هذا المصدر الطبيعى للطاقة، بعد انتهاء فترة سريان عقود الإمدادات طويلة الأمد، التى أبرمتها بشروط مواتية لها فى الماضى.

وأشارت التقارير إلى أن الوضع الراهن فى سوق الغاز الطبيعى المُسال، لم يعد هو ذاك الذى كان سائدا عندما دخلت قطر السوق للمرة الأولى فى مطلع القرن الحالى، باستثمارات ضخمة.

وأوضحت التقارير أن ذلك السوق كان يشهد حينها عدم توازن كبير ناجم عن الحجم الهائل فى الطلب، مُقارنة بحجم ما هو معروض، ولذلك كان كل شيء يصب فى صالح القطريين، بوصفهم أصحاب احتياطيات كبيرة فى هذا المجال.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة