ماذا حدث للفريق المصرى فى مونديال روسيا؟ الآمال التى كانت معقودة عليه كانت كبيرة، طبعًا لم يكن أحد يطالب الفريق بـأن يتأهل للأدوار النهائية، أو أن ينافس على اللقب، ولكن المصريين بحكم تصنيف المنتخب وخبرته وطموحه، كانوا يأملون فى تخطيه دور المجموعات والمنافسة بشراسة على عبور دور الـ16، واللعب فى دور الثمانية، مثل السنغال ونيجيريا، فالحسابات والورقة والقلم والتاريخ كلها عناصر تقول إن الفراعنة ليسوا أقل من أسود التيرانجا أو النسور الخضر.
ما حدث فى معسكر جروزنى وما قبل السفر إلى روسيا يكشف بوضوح أن الانهيار كان شبحًا يطارد المنتخب، وينتظر فرصة لأن يتحول إلى حقيقة واقعة، وإذا أردنا أن نحصى الأسباب التى أدت إلى ظهور المنتخب بتلك الصورة المزرية وإحباطه المصريين، علينا أن نعود فلاش باك إلى خناقة الملابس إياها بين عضو مجلس إدارة الاتحاد ورئيس الاتحاد، وقرار أبو ريدة باستبعاد العضو إياه من البعثة، فما كان من هذا العضو إلا أن سافر معزومًا على نفقة أحد الأثرياء العرب، ثم ظل طوال الرحلة يكسر مجاديف البعثة واللاعبين.
لم تكن خناقة الملابس وزعيق العضو إياه متحديًا البعثة ورئيس الاتحاد بأنه ليس طالبًا فى مدرسة، وأنه سيسافر رغم أنف الجميع، إلا البداية المشؤومة التى تشير بوضوح إلى أن المنتخب لن يحقق شيئًا فى روسيا، فالكتاب يبان من عنوانه، والفرق الرياضية عنوانها درجة الانضباط والتكاتف بين الإدارة والجهاز الفنى ، وما حدث بعد ذلك تسبب فى انفراط عقد الجهاز الفنى واللاعبين وأدى إلى وجود جو فاسد من المشاحنات والتفكك والتكاسل والخوف والعمل من أجل المكاسب الشخصية ولا عزاء لمائة مليون مصرى كانوا يحلمون بأداء قوى ورجولى وقتال حتى اللحظة الأخيرة فى الملعب.
المناخ الإدارى غير المنضبط والتسيب فى التعامل مع معسكر المنتخب واعتبار الفريق فى رحلة ترويجية وليس فى مهمة عمل تدون نتائجها فى السجلات الدولية أدى إلى الهزيمة تلو الهزيمة حتى وصلنا إلى الانهيار التام فى الشوط الثانى من مباراة السعودية، عندما بدأ اللاعبون فى حالة توهان وبطء وتكاسل، يهدرون الفرص السهلة أمام المرمى السعودى وكأن اللهو الخفى يقيد أقدامهم عن تسجيل الأهداف، والمدافعون يتقهقرون بعشوائية أمام اللاعب الذى يمتلك الكرة وكأن اللهو الخفى أيضًا يأمرهم بإفساح الطريق أمامه حتى منطقة الجزاء، حيث المجال مفتوح لاحتساب ضربة جزاء أو التصويب على المرمى لعل وعسى يسهو الحضرى الذى طعن فى السن، ولم تعد تسعفه العضلات على الذود عن مرماه ببسالة.
الفيديو المسجل لحادثة سعد سمير وكهربا فى تدريبات المنتخب، والذى يعكس عدم اهتمام أو جدية اللاعبين فى التدريبات، وكذلك عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه ما يحملونه على أعناقهم من أحلام مائة مليون مصرى، لم يكن الفيديو الوحيد الذى يسجل الانهيار المسيطر على بعثة المنتخب، وكلنا رأينا كهربا يشتم زميل له أثناء المباراة ويشير له أن يخرس ولا يعاتبه على إضاعة الكرات أمام المرمى.
هذا الاتحاد ومجلس إدارته يملك من البجاحة والبرود ما يجعله يخترع شماعات تبرر استمراره فى موقعه، ومنها مثلًا شماعة إقالة كوبر أو تقديمه استقالته، لكن المصريين لم يعد ينطلى عليهم مثل هذه الممارسات المحفوظة فى أعقاب الإخفاقات الكبرى، وإذا لم يبادر مجلس إدارة الاتحاد بالاستقالة من تلقاء أنفسهم، فليقدموها بالأمر المباشر، وإياك أن يخرج علينا واحد منهم يتنطع ويقول إن الحكومات عليها ألا تتدخل فى عمل الاتحادات الرياضية. وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة