محمد حبوشه

هانى سلامة "فوق سحاب الأكشن" على الطريقة الأمريكية!

الجمعة، 29 يونيو 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأمر المؤكد أنه بات تواجد النجم "هانى سلامة" أمر أساسيا على مائدة رمضان الدرامية من كل عام، بعد أن ثبت إن "سلامة" من الممثلين الموهوبين، والذين لديهم هم اجتماعى وإصرار لتقديم الأفضل دائما، وربما يرجع ذلك أيضا إلى أنه تكرر نجاحه خلال السنوات الماضية، بل إنه ثبت أقدامة فى الدراما التليفزيونية بداية من مسلسل "الداعية" عام 2013، ومرورا بـ"نصيبى وقسمتك"عام 2014 و"طاقة نور" فى العام الماضي، وصولا إلى "فوق السحاب" هذا العام، والأخير حرص من خلاله على تقديم أداء مغاير تماما، سواء على مستوى الدراما أو الأكشن، فضلا عن تفاعله الجيد مع طرح العديد من الخطوط الدرامية المتشعبة والتى تحمل فى باطنها قضايا حقيقية يعيشها المجتمع ويعانى منها، وهاهو يؤكد نجاحه كرباعى متفاهم "هانى سلامة وحسان دهشان ورءوف عبدالعزيز وتامر مرسى " بفضل وجود كيمياء خاصة تجمع بينهم جميعا ، بعد نجاحهم فى مسلسل "طاقة نور" خلال رمضان الماضى، وهو الأمر الذى جعل من قصة المسلسل ومكوناته الفنية من تصوير وتمثيل وإنتاج، ليكون فوق سحاب الأكشن على الطريقة الأمريكية.
 
مشاهد الأكشن التى لعبها "هانى سلامة" فى المسلسل كانت واقعية بفضل أدائه المحكم، وأقصد هنا أن قبولها ليس من قبيل المبالغة، خاصة أننا نرى مشاهد بالفعل فى السينما الأمريكية مبالغ فيها للغاية ونصفق لها ، ونرى مثلاً النجم العالمى الأسطورة "أميتاب باتشان" يمسك الطائرة ويوقفها عن الطيران ونصفق له ، لذا زاد "هاني" من لياقته البدنية من أجل إقناع الجمهور بمشاهد الأكشن والمطاردات ، والتى تم تنفيذها باستخدام أحدث التقنيات العالمية، خاصة أن الجمهور أعتاد على "هانى سلامة" فى أدوار الرومانسية ، لكنه هنا أثبت بما لايدع مجالا للشك بأنه يمكنه كأى لاعب أن يتمكن باحترافية من تلك الألعاب المتنوعة فى الأكشن، واستطاع بالفعل أن يحرز الفوز أو نيل البطولة بمزاولته ما يكفى من التدريبات التى تستلزم التنظيم والاتقان وتوفير الوقت وغيرها من المستلزمات الضرورية لتحقيق التمرين المتقن الذى حتما قد منحه المرونة ، القدرة ،المطاولة والمهارة ، فضلا عن الأداء الصوتى بوصفه يمثل الأداة الأساسية للممثل فى عمله مع شخصية "ماندو" لتكون فى النهاية شخصية نابضة بالحياة، حين ينفعل وحين يظهر الرقة فى مشاعره، وحتى حين طلب منه أن يكشف عن دوافع تلك الشخصية "المافياوية" وعن الظروف التى دعت الى تلك الدوافع لحماية نفسه وعائلته وجميع المحيطين به، ليسطر فى الحلقة الأخيرة نهاية سعيدة بلم شمل العائلة صباح يوم عيد الفطر على الطريقة المصرية الشعبية الخالصة.
 
ولقد ساهم فى إحراز"هاني" للنجاح الذى حالفه بالضرورة نوعية القضية التى يناقشها المسلسل فهى ما تحدد ذلك، فمن الممكن أن يسلط العمل الضوء على قضية واحدة وهنا لا يجوز وجود أكثر من خط درامى حتى لا يتوه المشاهد، أما فى هذا المسلسل فهو يتحمل فتح العديد من الملفات مثل "تجارة الأطفال، الفساد، العنصرية، الحجاب، ومشاكل الجيل الثانى والثالث"، وهى كلها أزمات تحتاج لتسليط الضوء عليها، وهذا ما يقوم به المسلسل، كما تم تصويره فى أكثر من بلد مثل "روسيا وفرنسا والمجر" للحصول على مصداقية فى الأحداث وعرض مشاكل العنصرية بشكلها الصحيح، فقد بدأ "هانى سلامة" عبر شخصية "ماندو" بتواجده داخل أحد السجون الروسية بعد تورطه مع إحدى العصابات الدولية هناك، وقد برع كاتب السيناريو "حسان دهشان" فى رصد مراحل حياة هذا الشاب البسيط من الخارج بالتوازى مع استعراض طبيعة حياة عائلته البسيطة التى تقطن داخل إحدى الحارات الشعبية وتحديدا فى "نزلة السمان".
 
ولقد حرص مخرج العمل "رؤوف عبد العزيز" من الحلقة الأولى على تقديم العديد من مشاهد الأكشن التى وظفها دراميا بمساعدة ورق محكم من جانب "حسان دهشان"، وذلك من بداية خروج "ماندو" من السجن الروسى والمخاطر تحيط به من كل مكان، وذلك باستخدم طائرة هيلوكوبتر فى إنقاذه على طريقة الأفلام الأمريكية، مع معارك قام بها "ماندو" داخل السجن، نفذها "هانى سلامة" على نحو جيد، ويبدو أنه حرص على التدريب لتنفيذ هذه المشاهد باحترافية عالية، كما اتضح من تنفيذه لها بدقة وعناية شديدتين، ويبدو ذلك ملحوظا من خلال تلك المشاهد أن مدير التصوير والمخرج رؤوف عبد العزيز قدم نوعا من الإبهار البصرى الخاطف، مستخدما تكنيك خاص لـتصويرها بطريقة لم نراها سوى فى أشهر الأفلام العالمية والمسلسلات الأمريكية، فمثلا : كان من الممكن أن يقتصر تنفيذها على هروب "ماندو" بشكل تقليدى، ثم ننتقل لمشهد آخر كما يحدث فى معظم أعمالنا التليفزيوينة المصرية.
 
لكن على مايبدو كان هنالك نية مسبقة من جانب صناع المسلسل على لتقديم عمل درامى تليفزيونى لايقل أبدا عن مايقوم  به الغرب فى مثل تلك الأعمال، لذا فقد استمتعنا فى "فوق السحاب" بمشاهد أكشن وحركة تسيطر عليها المعايير العالمية فى تلك الصناعة، ومن ثم يحسب ذلك لشركة "سينرجى" المنتجة للعمل ، والتى وفرت - كما اتضح لنا من المسلسل - ميزانية ضخمة لتنفيذ عمل مصرى بهذا المستوى المشرف ، فقد كانت  حريصة على الاستجابة الفورية إلى كل طلبات المخرج الذى أصر على تنفيذ مشاهد كل من "باريس والمجر وروسيا" فى أماكنها وهى مسألة باهظة التكاليف، ولقد وضعت "سينرجي" نصب أعينها حقيقة أنهم لم يضحكوا على المشاهدين أو يضللوهم بمشاهد "مفبركة"، بالتصوير فى هذه الدول الأوروبية الثلاثة فى مكان واحد، وتجنب نفقات تحسب بالملايين، بل تم التصوير "لايف" فى ثلاثة دول منفصلة ، كما بدا لنا من المشاهد التى ترصد معالم المدن التى تم تنفيذ المشاهد بها ، والمدهش فى هذا الأمر - بالنسبة لى على الأقل - أن هناك من يسعى لوصف هذه المشاهد بـ" الأوفر" أو يحاول التقليل من جودتها ، فالعيب كل العيب أن نتقبلها فى الأفلام الأمريكية التى ترشح للأوسكار، وننتقدها بضراوة عندما نقدمها بأيادى مصرية تجتهد فى توظيف أحدث التقنيات فى أعمالنا . 
 
نجح "رؤوف عبد العزيز" فى اختيار أماكن جيدة للتصوير تخدم الأجواء المحيطة بالقصة وتجعل المشاهد يشعر بروح الأحداث، إضافة إلى انتقاء المنازل الشعبية البسيطة التى تم التصوير بها والديكورات والملابس والإكسسوارات بعناية كبيرة أيضا ، وهو ما يجعل المشاهد يتعايش مع القصة والتعمق فى تفاصيلها الدقيقة ، فضلا عن اختيار الأبطال المشاركين فى العمل جعل هنالك تميزا وإختلافا بشكل تلقائى، كذلك قدم مجموعة من النجوم الشباب كأبطال ومنهم "ميرنا نور الدين وشادى الفونس وتونى ماهر"،كما أنه تعامل مع كل حلقة على أنها فيلم سينمائي، وحافظ على تتابع الحلقات بشكل جيد وسرعة إيقاعها لكى لا يشعر الجمهور بالملل، فضلا عن عناية فائقة بأدق التفاصيل فى كل مشهد ، الأمر الذى وفر الجانب المشوق فى كل مرة ، والذى يثير فضولك لمعرفة ما سيحدث فى الحلقات المقبلة ، وقد بدا ذلك واضحا بحسب ردود الفعل الإيجابية المختلفة فى الشارع، وعبر " السوشيال ميديا " تقديرا للمجهود الكبير الذى بذله فريق العمل فى مراحل المسلسل المختلفة .
 
ظنى أن جودة مسلسل "فوق السحاب" تحسب بالأساس لكاتب السيناريو"حسان دهشان"، فى فتنة النص الدرامى المبهر، والذى يقوى على أن يأخذك على بساط الريح إلى "روسيا وفرنسا والمجر" بصقيعهن وصخبهن وعنصرية البعض منهن تجاه المجتماعات الإسلامية ممثلا فى المرأة المحجبة، وكالبرق الخاطف يعيدك سريعا وفى لحظات إلى أجواء مصرالدافئة وأهلها البسطاء فى الحارات الشعبية، خاصة فى "نزلة السمان مكان الأحداث  وموطن "ماندو" وعائلته، ما يوضح لنا أن "دهشان" دائما ما يكون حريصا فى إحكام نصه على الجمع بين مختلف الفئات فى كل عمل يقدمه على الشاشة، مع إحداث التوليفة الدرامية التى تجعل هناك تلامسا وترابطا شديدين فى الأحداث دون أن يشتبك أو يأخذك من منطقة لأخرى، لمجرد استعراض عضلاته الدرامية دون مبرر منطقى يقود الأحداث بطريقة سلسلة تصيبنا بنوع من متعة المشاهدة، يضاف إلى ذلك الموسيقى التصويرية لـ "عمرو إسماعيل" والتى خلط فيها بين الموسيقى الشرقية و الموسيقى العالمية، بالاعتماد على أحدث الآلات والمعدات، فمن خلال الموسيقى عاش المشاهد أحداث كل دولة وغاص فى ثقافتها بشكل روحانى خالص.
 
أما ماهو جدير بالملاحظة فى نجاح مسلسل "فوق السحاب"، فهو إعادة اكتشاف عدد كبير من نجوم الدراما القدامى، والذين ابتعدوا عن الشاشة خلال الفترة الأخيرة، وبعضهم كان يتواجد بشكل متقطع، لكن جاء هذا المسلسل، ليكون بمثابة إعادة اكتشاف وتغيير مسار لهم، وهذا يحسب للمخرج رؤوف عبدالعزيز الذى انتقى ممثليه بعناية شديدة، بل وقدمهم فى أزهى حالتهم ، ووضعهم فى قوالب تمثيلية جديدة يراهم فيها بعينه قبل أن يروا هم أنفسهم فيها ، يأتى فى مقدمة هؤلاء الفنان الكوميدى الكبير "إبراهيم نصر"، ليقدم شخصية "الدب" والد "ماندو" بشكل جديد ومختلف للغاية عن الشكل الذى تمركز به فى ذاكرة جمهوره ، خاصة أن الجمهور تعود على رؤيته عبر سنوات طويلة ماضية فى حلقات "الكاميرا الخفية" بشكل ساخر يقدم الإفيهات فقط ، فقد تألق فى استخدام التفاصيل الدقيقة التى وضعها " نصر" للشخصية ، فضلا عن الإفيهات الكوميدية التى يقدمها فى كل حلقة بطريقة السهل الممتنع، والتى صاغها المؤلف ببراعة فائقة لتناسب تلك الشخصية . 
 
وشيئا من هذا القبيل بدا واضحا مع النجمة اللبنانية "ستيفانى صليبا " التى كانت مصدرا للبهجة والعذوبة على عدوانيتها التى فرضت عليها من خلال شخصية "تاليا"، أما النجمة القديرة "عفاف شعيب"، والتى قدمت ضمن أحداث المسلسل شخصية سيدة السحر والأعمال "نعناعة"، فقد أظهرت "شعيب" من خلال هذه الشخصية جوانب تمثيلية أخرى لم تظهرها للمشاهدين من قبل على مدار رحلتها الطويلة فى عالم التمثيل ، بعدما وضعها المخرجون لسنوات طويلة فى خانة دور الأم الطيبة الحنونة فقط ؛ حيث إنها فى شخصية "نعناعة" ، ربطت بين الطيبة والجدعنة والصفات الحميدة، وفى نفس الوقت كانت تكشر عن أنيابها تجاه من يقترب منها بسوء ، وقد استخدمت حنكتها الكبيرة كممثلة فى الذهاب بنا إلى عوالم أخرى من الأداء الاحترافى الذى يعكس الخبرة ، ومن أبرز الفنانين الذين نجحوا بالفعل فى إعادة اكتشاف أنفسهم أيضا الفنان القدير " محمد التاجى " ، الذى يظهر فى دور "مرسي" ، رئيس أحد الأندية الرياضية ، وقد نجح "التاجي" فى رسم ملامح الشخصية باحترافية ليقدمها بطريقة تمزج بين الكوميديا والجدية.
 
كما أظهرالعراقى القدير"باسم قهار" قدرة واحترافية كبيرة فى أداء شخصية "يوسي" زعيم "المافيا" حين أكد على أهمية الصوت كونه يمثل الواسطة بين الممثل والمتلقي، ولذا كان حريصا على ضرورة التحكم بالصوت ومقدار دفعه وبالتغيرات فى الإيقاع وفى السرعة وفى قوة الصوت، والتأكيد على أهمية استخدام الكلمات الأهم فى الجملة والاهتمام بالأحاسيس، ما يؤكد فى النهاية أنه لا قيمة للموهبة إذا لم تعزز بالتدريب وبالدراسة والممارسة المستمرة، وجدير بالذكرأيضا أنه تألق أكثر من ممثل فى أداء دروره باحترافية شديدة للغاية على قدر صغر سنهم أو تجربتهم التمثيلية ، ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر: منة نور الدين فى دور "سمكة"، وتونى ماهر فى دور "كاريكا"، وشادى ألفونس فى دور "عزت" ومحمد محمود عبد العزيز فى دور "شريف" ، فضلا عن الكبار: براعة مشهودة لإيهاب فهمى فى دور" كمال"، ومحمود جمعة فى دور "أبو كنانة"، و حمادة شوشة فى دور القواد "أونا" بطريقة أكثر مصداقية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة