لا ننسى للمهندس شريف إسماعيل مواقفه المشهودة لخدمة هذا الوطن فى أصعب اللحظات، التى مرت علينا وعليه شخصيا خلال السنوات الماضية، والتى تولى فيها رئاسة الوزراء خلفا للمهندس إبراهيم محلب فى ديسمبر 2015.
المهندس شريف إسماعيل، لمن لا يعرف، هو صاحب النهضة الكبيرة لمصر فى قطاع البترول والغاز، وتولى وزارة البترول قبل تكليفه برئاسة الوزراء فى فترة هى الأسوأ فى تاريخنا، فقد توقفت الدولة لظروف ثورة 25 يناير وما بعدها من اضطرابات وشلل اقتصاى على دفع حصص الشركاء الأجانب وشركات التنقيب العاملة فى مصر، الأمر الذى ترتب عليه رحيل معظم هذه الشركات أو توقف أعمالها وتراكم الديون المصرية لها حتى بلغت 6.4 مليار دولار.
وفى ظل هذه الظروف، عمل المهندس شريف إسماعيل وفريقه فى وزارة البترول على إقناع الشركات الدولية المستثمرة فى مصر باستئناف أعمالها على مراحل، وإعادة جدولة ديونها مع ضمان سدادها من الدولة المصرية، بل وعمل على الترويج للأبحاث العالمية التى تؤكد وجود احتياطات هائلة من الغاز فى مصر، الأمر الذى أدى إلى قدوم شركات جديدة للاستثمار فى هذا القطاع، رغم المخاطر السياسية التى كانت أمرا واقعا والتصنيف السيئ لمصر فى المؤسسات المالية الدولية.
وبفضل هذه النجاحات الصامتة فى وزارة البترول، جاء تكليفه برئاسة الحكومة منذ ثلاث سنوات ليهندس عملية الإصلاح الاقتصادى الكبرى فى تاريخنا، التى اعتمدها الرئيس السيسى لعدم وجود بديل أمامنا سوى الانهيار التام والإفلاس، فالمصانع متوقفة والاستثمارات الخارجية ضعيفة، ووجود سوقين لصرف العملة الوطنية يعمل على تخريب أى فرصة لنمو الاقتصاد، وتفاقم ظاهرة الدولرة أى تحويل الأفراد أموالهم إلى الدولار والعملات الأجنبية، ومن ثم تحويلها للخارج للاستثمار فى الأسواق المضمونة مع ما يترتب عليه ذلك من انهيار العملة الوطنية، وتفاقم ظاهرة الاستدانة من الخارج لمجرد توفير الاحتياجات الأساسية.
كانت خطط شريف إسماعيل، خلال رئاسته للحكومة، تقوم على إطلاق المشروعات بكثافة لاجتذاب رؤوس الأموال المحلية والعربية والعالمية، وتسويق المشروعات العملاقة مثل محور قناة السويس والمنطقة الاقتصادية به فى الأسواق العالمية مع توفير ملايين من فرص العمل أمام العمالة الكثيفة وغير المدربة، خاصة فى السوق العقارى، مع ضمان عدم تأثير الإصلاحات الاقتصادية على محدودى الدخل، من خلال حزمة مساعدات مكثفة تتمثل فى استحداث معاشات جديدة وإعانات نقدية وزيادة الرواتب والمعاشات بنسب ثابتة سنويا وتوفير السلع التموينية والسلع الأساسية لعشرات الملايين من المصريين بالمجمعات ومنافذ التوزيع للوزارات، خاصة منافذ القوات المسلحة والشرطة، الأمر الذى أدى إلى إنجاح سياسة الإصلاح الاقتصادى وعبورنا عنق الزجاجة إلى مرحلة جديدة من البناء وجذب الاستثمارات والتماسك الاقتصادى.
وفى عام 2017 تعرض شريف إسماعيل لمحنة صحية أدت لإجرائه جراحة دقيقة فى الجهاز الهضمى بألمانيا، وأعقبها فترة نقاهة فى مصر، لكنه خلال فترة ما قبل إجراء العملية الجراجية وخلال فترة النقاهة، كان يعمل مثل الجنود المجهولين على متابعة الملفات المتخمة بالقضايا والمشكلات، ويوجه باتخاذ الحلول المناسبة، دون أن تهن عزيمته ودون أن يبدى أى امتعاض أو تأفف من المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتقه.
شريف إسماعيل بحق نموذج لرجل الدولة المقاتل، الذى لا يتوانى عن خدمة بلاده فى أصعب اللحظات بإنكار تام للذات ودون ضجيج إعلامى يصاحبه، وبتواضع كبير يميز المخلصين الذين أفنوا حياتهم فى حماية الوطن وخدمته، كل التحية لشريف إسماعيل، ونحن على يقين أن السنوات المقبلة ستضىء أعماله الجليلة وإنجازاته.