هل خروج جميع المنتخبات الأفريقية والعربية من الدور الأول للمونديال نتيجة ضعف هذه المنتخبات، وعدم قدرتها على المنافسة فى الأدوار التالية، أم أن الأمر يتعلق بسوء حظ غريب، خصوصًا مع السنغال ونيجيريا والمغرب.
السنغال تحديدًا كانت أقرب الفرق الأفريقية للدور السادس عشر، وكانت تستحق عن جدارة التأهل عن المجموعة الثامنة، فقد قدّم أسود التيرانجا كل شىء فى كرة القدم خلال المباريات الثلاث التى لعبوها فى الدور الأول، قدموا المهارة والقوة والانتشار الجيد ومختلف فنون اللعبة، ورغم ذلك تم تطبيق شرط غريب عليهم ليودعوا المونديال وتتأهل اليابان بدلًا عنهم.
أسود التيرانجا لعبوا أولى مبارياتهم بكفاءة عالية أمام بولندا، التى توقع لها الكثيرون أن تقدم مستويات رائعة، وأن تتأهل لربع النهائى، لكنها تراجعت، واستطاع الفريق السنغالى أن يفوز عليها بهدفين لهدف واحد، وفى مباراته الثانية أمام الروبوتات اليابانية، تقدم المنتخب السنغالى مرتين، وكان بوسعه تحقيق الفوز وضمان بطاقة التأهل، لكنّ اللاعبين هبط أداؤهم فى فترات مختلفة من المباراة حتى استطاع المنتخب اليابانى إدراك التعادل بهدفين بعدما كان متأخرًا، ثم دخل المنتخب السنغالى مباراته الثالثة أمام كولومبيا، وقدم أداء جيدًا، لكنهم لم يستطيعوا تعويض الهدف الذى مُنى به مرماهم، وجانبهم سوء حظ غريب ليتوقف رصيدهم عند أربع نقاط، متساويين مع المنتخب اليابانى فى كل شىء ليحتكم الفيفا لقاعدة اللعب النظيف، ويودع أسود التيرانجا المونديال مرفوعى الرأس.
ردود الفعل الشعبية كانت بمثابة تسونامى غضب ضد الفيفا لتطبيقه قاعدة اللعب النظيف لأول مرة، بدلًا من إجراء القرعة كما جرت العادة فى الدورات السابقة، واعتبر محللون ومشجعون ينتمون لأفريقيا أن تغليب الفيفا للعمل بقاعدة اللعب النظيف لتأكدهم بأن تطبيق هذا البند من اللائحة ليس فى مصلحة السنغال وقارة أفريقيا كلها، التى لم يقدم المنتخبات الخمسة ما كان يتوقع منها خلال مونديال روسيا، وظهرت معظم المنتخبات باستثناء نيجيريا والسنغال بمظهر فرق الهواة الضعيفة التى تثير الدهشة من تأهلها للمونديال أصلًا.
هل كان الفيفا متعنتًا فى تطبيقه شرط اللعب النظيف على السنغال واليابان بدلًا من القرعة؟ هل سعى الفيفا لاستبعاد السنغال من منافسات الدور الـ16 رغم ما يعنيه ذلك من استبعاد أفريقيا كلها من منافسات هذا الدور؟
كان يمكن للفيفا فعلًا إجراء القرعة بين منتخبى السنغال واليابان، ومنح أسود التيرانجا فرصة أخيرة للبقاء فى دور الـ16، ومنافسة الفرق الأوروبية واللاتينية، خاصة مع إقرار الفيفا توسعة قاعدة المشاركة فى مونديال 2026 لتضم 48 منتخبًا بدلًا من 32 منتخبًا فى النسخة الحالية، وزيادة المقاعد المخصصة لأفريقيا من خمسة مقاعد إلى تسعة ونصف مقعد، حيث تقام بطولة إقصائية قارية بست منتخبات للمنافسة على مقعدين فى النهائيات.
إذا كان «فيفا» متحمسًا لأفريقيا، ويمنحها أكبر عدد من المقاعد فى المشاركات المونديالية بعد قارة أوروبا التى تمتلك 16 منتخبًا مع مونديال 2062، فهل يشكك فى قدرات المنتخبات الأفريقية، وفى سعيه لمنحها مقاعد جديدة فى المنافسة العالمية الأشهر بتعمده تطبيق اللائحة التى تقضى باستبعاد السنغال واستمرار اليابان؟.. الحادث أن سوء حظ غريب صادف المنتخبات الأفريقية والعربية، وحال دون تقديمها صورة مشرفة، وانطباعًا يليق بالمونديال، حتى إن بعض الأصوات النقدية تساءلت متعجبة: أهذا هو مستوى المنتخبات الأفريقية والعربية؟ وهل تستحق قارة تقدم منتخبات بهذا المستوى أن تفوز بعشرة مقاعد فى المونديال؟
وللحديث بقية