فى أكتوبر من العام الماضى أقر البرلمان تعديلات جوهرية على قانون هيئة الرقابة الإدارية، وهى التعديلات التى منحت الهيئة صلاحيات وسلطات واسعة، إذ أصبحت هيئة مستقلة ماليًا وإداريًا وتتبع رئيس الجمهورية مباشرة.
ومنحت التعديلات الجديدة سلطة إجراء تحرياتها فيما يتعلق بالجهات المدنية، وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة.
الصلاحيات الجديدة للهيئة أطلقت يدها فى القبض على عدد من المسئولين رفيعى المستوى فى الأجهزة الحكومية المختلفة بسبب تورطهم فى وقائع فساد وإهدار للمال العالم، وهو صلب عمل هيئة الرقابة الإدارية منذ تأسيسها.
وقبل أيام فجرت الرقابة الإدارية قضية فساد جديدة داخل وزارة المالية عندما أعلنت عن القبض على رئيس مصلحة الجمارك، متلبسًا بتقاضى رشوة، رغم أنه يعمل فى مصلحة الجمارك منذ عام 1982 وعمل بجميع إدارات الجمارك حتى تم تعيينه رئيسًا للمصلحة فى مايو الماضى وتم القبض عليه فى يوليو الجارى.
وسبق هذه الواقعة واقعة فساد وزارة التموين التى ألقت بسببها الهيئة القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ومدير مكتبه، والمستشار الإعلامى لوزير التموين، والمتحدث الرسمى للوزارة، ومستشار الوزير للاتصال السياسى بمجلس النواب، لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت أثنى مليون جنيه من إحدى شركات توريد السلع الغذائية مقابل إسناد أوامر توريد السلع عليها، وتسهيل صرف مستحقاتها.
وسبق كلا الواقعتين القبض على رئيس حى الدقى لاتهام بتقاضى رشوة للتغاضى عن مخالفات بناء بأحد العقارات بدائرة عمله، والقبض على محافظ المنوفية السابق مع آخرين لاتهامهم فى قضايا فساد.
كل هذه القضايا التى كشفت عنها الرقابة الإدارية فى غضون شهور قليلة بناءً على الصلاحيات الجديدة التى مُنِحت للجهاز، وكانت فى حقيقة الأمر رسالة هامة لكل من تخول له نفسه التلاعب بالاقتصاد المصرى والإضرار به، فالدور الذى تقوم به هيئة الرقابة الإدارية هو محاربة الفساد، وهو أحد أهم مؤشرات على تحسن الاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة الفساد وتهيئة المناخ لاستقبال رؤوس الأموال الأجنبية.
ولأول مرة نرى جهازًا رقابيًا له شعبية فى الشارع المصرى، يعمل فى صمت مثل الجندى المجهول يخدم وطنه ويراعى مصالح الشعب ويحافظ على المال العام فى صمت.
مراجعة سريعة لصفحة هيئة الرقابة الإدارية على مواقع التواصل الاجتماعى ستجد كمًا من التفاعل غير مسبوق، ومواطنين يقدمون بلاغات ومعلومات عن شبهات فساد فى مناطق مختلفة ولدى مستويات متنوعة من المسئولين فى الجهاز الإدارى للدولة.
إن هيئة الرقابة الإدارية هى التى فجرت قضية وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال فى 2015، بتهمة تلقى رشى مالية وعينية نتيجة تسهيل أعمال غير قانونية لرجال أعمال، وأصدرت محكمة الجنايات فيما بعد حكماً بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفى 2016 أوقفت الهيئة الأمين العام لمجلس الدولة بتهمة الرشوة، وهى ضربات حققتها الرقابة الإدارية قبل حتى أن تحصل على الصلاحية الواسعة التى تمتلكها الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة