هناك معلومة تاريخية تفيد بأن النخبة المصرية قامت بدعم هتلر ودول المحور فى الحرب العالمية الثانية وذلك من أجل إنهاء الأمبريالية البريطانية، ومؤخرًا صدر كتاب جديد بعنوان "حرب الأمم الضعيفة.. مصر فى الحرب العالمية الثانية 1939-1945" يقدم صورة جديدة ومختلفة حول هذه الفترة، ويذهب مؤلفه الإسرائيلى إلى أن الصحافة المصرية أظهرت هتلر شيطانًا متعطشًا للسطة ومبعوثًا للشيطان.
ويرى مؤلف الكتاب إسرائيل جيرشونى، أن الحرب العالمية الثانية فى الشرق الأوسط كانت "مؤلمة" وتسببت فى إشكاليات سياسية، فأثناء الحرب شعرت الجاليات اليهودية فى شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط بمدى معاناة أبنائها وبناتها، وفى بلدان مثل ليبيا والعراق وتونس، تم إخفاء العديد من الأخبار، ولم يتم إخبار الجميع بما يحدث فى تلك الحرب بصورة كافية، وعلى النقيض من ذلك.
ويذهب الكتاب إلى أنه، عكس الصورة السائدة، فإن الكثيرين فى الشرق الأوسط عارضوا النازية والفاشية وقدموا يد العون إلى اليهود فى محنتهم.
الكتاب يقدم مفهومًا جديدًا لما حدث فى مصر وأيضًا عن الشرق الأوسط بشكل عام فى الحرب العالمية الثانية، ويحاول القضاء على المفهوم الشائع بأن النخبة فى مصر دعمت ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية خلال الحرب العامية الثانية، وذلك بهد ثورة يوليو 1952، ويؤكد أن المصريين الذين أيدوا قوى المحور فعلوا ذلك لأنهم كانوا يأملون إنهاء الإمبريالية البريطانية بأى شكل.
جاء الكتاب فى مجلدين ضما العديد من المقالات والرسومات فى الصحف والأفلام والبرامج الإذاعية التى قدمت فى هذه الفترة، مع التركيز على فترتين حاسمتين، الأولى عندما حاولت قوات موسولينى تحدى السيطرة البريطانية على المنطقة فى سبتمر 1940 وتم إيقافها والأهم من ذلك عندما وقعت معارك ضارية فى منطقة العلمين بين يوليو ونوفمبر 1942 وانتهت بهزيمة روميل.
ويشرح جيرشونى، أن فكرة دعم النخب المصرية لألمانيا وإيطاليا كانت قائمة على افتراض أن أعداء البريطانيين - وهم الألمان والإيطاليون – الذين يجب أن يكونوا أصدقاء مصر، كما يرسم يرسم صورة مختلفة تمامًا لمصر، أثناء تعرضها للحصار والقصف الجوى فى الإسكندرية حيث عانت من الدمار وخلقت مكانًا للاجئين فى بلدها.
ويوضح جيرشونى، أن مصر كان بها فى هذه الفترة قوى سياسية منها حزب الوفد والحزب الديمقراطى اللذان دعما قوات الحلفاء، ورغم أن مصر لم تعلن الحرب على ألمانيا إلا أن الدولة المصرية دعمت البريطانيين وعلى سبيل المثال تم توظيف قوة عاملة مصرية من حوالى 250 ألف شخص من قبل البريطانيين خلال الحرب وخاصة فى القواعد العسكرية والمخيمات.
مبعوث الشيطان
ومن أجل تقديم قصة مختلقة عن حزب الوقد الديمقراطى، قدم المؤلف فى المجلد الثانى من الكتاب، ردور أفعال وسائل الإعلام، فى تلك الفترة، بشكل منهجى، رغم فرض الرقابة على الصحف والكتب والعروض الإذاعية ودور السينما والمقالات والرسوم التى نقلت الأفكار السائدة عن الحرب.
فالصحف المصرية ومنها صحيفة روز اليوسف ومجلة الاثنين والدنيا قدمت بصور ساخرة صور قادة قوى المحور من خلال رسوم كاريكاترية، وكانت الصورة الأكثر شيوعا لهتلر بعنوان "هتلر متعطشا للطاقة ومبعوثا للشيطان" وتم تقديم الحلفاء بأنهم شجعان ونبلاء، حيث وصف الرئيس الأمريكى فرانكلين دى روزفلت على سبيل المثال بأنه عملاق سيهزم هتلر.
هذا الكتاب يظهر نقدًا حادًا وفعالًا فى الشرق الأوسط أيضًا، أو من خلال سلسلة من المفكرين البارزين - من بينهم الكاتب المسرحى والمؤلف توفيق الحكيم أو من خلال مقالات نجيب محفوظ، الذى فاز لاحقا بجائزة نوبل للآداب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة