لا أذكر السنة التى كنا ندرس فيها قصة «كفاح طيبة» لأديب مصر الأعظم نجيب محفوظ، لكنى أذكر جيدًا تلك الحالة الراقية من المحبة الصافية للوطن التى كانت تسربها تلك القصة إلى القلوب، وأذكر جيدًا أيضًا تلك الجملة البليغة التى كانت بمثابة شعلة تأجيج الحماس فى قلوب جنود طيبة الذين يدافعون عنها ضد الهكسوس، تلك الجملة تقول «أن تحيا حياة أمنحتب أو تموت ميتة سقنن رع».
تلخص تلك الجملة غاية الجندى فى الحياة، أن يعيش بكرامة كـ«أمنحتب» أو يموت بشرف كـ«سقنن رع»، ومعابد مصر وآياتها المعمارية تؤكد لك بما لا يدع للشك مجالًا أن حياة أمنحتب كانت كأفضل ما تكونه الحياة، كما تشهد مومياء «سقنن رع» المحفوظة بالمتحف المصرى على استبسال هذا الملك العظيم فى الدفاع عن بلده والتضحية بحياته من أجلها، تلك حياة مجيدة، وتلك ميتة عظيمة، وغاية الإنسان هذا وذاك، ولا تتحقق الميتة العظيمة إلا إذا كان صاحبها يعيش بكرامة، ولا تتحقق الحياة الكريمة إلا إذا كان صاحبها على استعداد دائم للذهاب إلى الموت.
يبدو الاستدعاء هنا بعيدًا، لكنى فى الحقيقة لم أستطع أن أمنع نفسى من تذكر «كفاح طيبة»، وأنا أرى كلًا من فرنسا وكرواتيا تتنافسان من أجل الوصول إلى حمل كـأس العالم، كانت كرواتيا الأمهر والأكثر وصولًا للمرمى، وكانت فرنسا الأخطر والأكثر قدرة على إحراز الأهداف، لذا كانت نتيجة المباراة معلقة حتى قبيل انتهائها بدقائق، وكانت الشوارع فى كرواتيا مشتعلة على حالها، لا يظفر بها يأس ولم يقو عليها استسلام.
أنظر إلى تلك الحالة فأتذكر «كفاح طيبة» وأقول لنفسى إن الفرنسيين والكروات استوعبوا درس «نجيب محفوظ» جيدًا، وأدركوا عظمة أن «تحيا كأمنحتب.. أو تموت كـ«سقنن رع» فناضل لاعبو كرواتيا حتى الرمق الأخير لكنهم لم يظفروا بالنصر وظفروا بالاحترام، بينما قاتل لاعبو فرنسا فظفروا بالمجد والتاريخ، وهنا يجدر بنا أن نسأل: متى ننتصر كفرنسا أو نلعب ككرواتيا، ومتى يدرك الجميع أن مصلحة الفرد هى مصلحة الجميع وأن غاية الشرف أن تحيا حياة أمنحتب أو تموت ميتة سقنن رع، وفى رواية أخرى «أن تنتصر كفرنسا أو تلعب ككرواتيا».
عدد الردود 0
بواسطة:
معتصم
أحب أطمنك أننا لن ننتصر كفرنسا أو نلعب ككرواتيا
لأننا شعب كل واحد بيدور على مصلحته الشخصية فقط !