«توت عنخ آمون موجود».. هذه هى كلمة السر التى تقود الإيطاليين، وتأخذ بأيديهم كى يزوروا معرض المستنسخات الأثرية «كنوز مصر» المقام هناك، وهذا ليس كلامى، لكنه كلام الدكتور عمرو الطيبى، المدير التنفيذى لوحدة النماذج الأثرية بوزارة الآثار، فى تصريحات صحفية للزميل أحمد منصور.
نعم توت عنخ آمون بسحره وجماله خير سفير لمصر فى أى مكان، كثير من سكان هذا العالم يعرفون مصر من خلال آثارها، والآثار تعنى لهم توت عنخ آمون ومقتنياته ومقبرته وقناعه، وكل ما يمت إليه بصلة، هذا القناع الذهبى الذى لم يفقد بريقه على مر السنوات، كذلك بما يثار من تكهنات غريبة حول طريقة موت صاحبه، وغير ذلك مما يأخذ بمصر إلى مصاف الكبار فى كل شىء.
وفى إيطاليا يزور الناس مستنسخات توت عنخ آمون، ويلتقطون الصور إلى جوارها، وذلك حتمًا سوف يزرع فى داخلهم الرغبة بالمجىء إلى مصر، وزيارة هذه المقتنيات على وجه الخصوص، لذا أحسن المتحف المصرى الكبير عندما قرر نقل المجموعة الكاملة للملك الذهبى إليه، وعرضها كاملة، وأحسن أيضًا عندما بنى دعايته على سمعة الملك الطيبة فى العالم.
وجب القول بأن فكرة معارض المستنسخات مدهشة، وتحقق أهدافها كدعاية مباشرة للقطع الأصلية، ففى معرض إيطاليا مثلًا نجد أنه يضم 250 قطعة أثرية، منها 60 مستنسخًا تمثل فترة العصر القبطى، فيضم 40 أيقونة و20 قطعة أخرى، ويضم نموذجًا للقناع الذهبى للملك توت عنخ آمون، ورأس نفرتيتى، وتمثال للملك إخناتون، وقطعة لبتاح رمز الحرف والفنون فى مصر القديمة.
لن أكرر كلامًا سابقًا حول أهمية الاعتناء بالشأن الأثرى، لأنه هوية مصر، كما أنه مصدر مهم للدخل، ويعمل على انتعاشة حقيقية للمجتمع، كما أن وجود السائحين فى المدن المصرية يمنحها نوعًا من «التداخل الثقافى» الضرورى لتخفيف الحدة، ويعمل على تراجع العنف، لأن الانفتاح الثقافى الذى يحدث من التقاء طرق تفكير مختلفة بالتأكيد سوف يفتح أفق الخيال بعض الشىء.
هناك جانب مهم علىّ أن أشير إليه فيما يتعلق بالمستنسخات، لماذا لا يكون هناك معرض مستنسخات داخلى فى مصر، يتم عرضه فى كل المدن المصرية، يبدأ من الإسكندرية ولا يتوقف إلا فى حلايب وشلاتين، يظل فى كل محافظة شهرًا، ويقضى عامين أو أكثر فى رحلة مقدسة تمنح فرصة للأجيال الصغيرة السن والطلبة وغير القادرين لـلتعرف على حضارة مصر، ويصنع فى داخلهم الشغف العظيم لمعرفة تاريخهم وحضارتهم، بشرط أن تصاحبه الدعاية المناسبة التى تحوله لحدث مهم ومشروع ثقافى ضرورى؟!
أتمنى من الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، أن يفكر فى هذا الأمر وينفذه لو كان متاحًا، أو يعدل عليه بما يناسب إمكانات الوزارة والأثريين.