يقف شاردًا والشمس ساطعة حوله، وكأنه يبحث عن أحلامه فى بحور المستقبل، ثم ينطلق مسرعًا نحو أصدقائه من أجل لعب كرة القدم واستغماية وغيرها من الألعاب الأخرى، لحظات استمتاع يشعر بها قبل العودة إلى المنزل ويجد فى استقباله والدته التى تطالبه بتغيير ثيابه لتناول وجبة الغداء، وبعدها يأتى أحد الأقارب للزيارة ويسأل الطفل السؤال المعتاد عند الجميع فى مرحلة الطفولة: «عايز لما تكبر تطلع إيه ياحبيبى؟».. فيرد الطفل: «عايز أبقى ظابط.. عشان أقبض على الحرامية الوحشين».
ذهب الطفل إلى غرفته ودخل فى نوم عميق، ثم استيقظ على صوت الراديو: «ياولاد ياولاد.. توت توت.. تعالوا تعالوا.. علشان نسمع أبلة فضيلة راح تحكيلنا حكاية جميلة وتسلينا وتهنينا وتذيع لينا كمان أسامينا.. أبلة أبلة فضيلة»، وهنا ينصت إلى حكاية «أبلة فضيلة» فى البرنامج الشهير «غنوة وحدوتة».
كان هذا ملخص بسيط لطفولتنا فى الصغر، وهو ما يفتقده الجيل الحالى، وكنت توقفت فى المقال السابق بالحديث عن أهمية البيت فى زرع القيم واستعادة التاريخ فى تربية أبنائنا، ثم طرحت سؤالا: كيف ستساعد طفلك على اختيار الطريق الصحيح؟
اتفقت خلال حديثى مع زوجتى على أن الإجابة عن هذا السؤال ليست صعبة، فهى فقط تحتاج إلى استدعاء الذكريات القديمة مع أمهاتنا أثناء تربية أبنائنا، بالإضافة إلى خطة لتنشئة طفلك على أن يكون أهم بنودها، كيفية اختيار أصدقاء الطفل، والألعاب الخاصة به، مع حتمية ممارسة الرياضة وتنمية القراءة ومتابعة موهبته فى أى مجال فنى، وإبعاده بقدر الإمكان عن «الموبايل» و«الآيباد» وغيرها من أنواع التكنولوجيا القاتلة.. للحديث بقية.