جهز ملابسه طيلة الليلة قبل الماضية، وكأنه يجهز ملابس العيد، ولمَ لا، فذهابه إلى ضريح الزعيم الخالد، أبوخالد، جمال عبدالناصر، يوم ذكرى ثورة يوليو 1952 عيد حقيقى، بما صنعه من نجاح مبهج، فى تخليص البلاد من ذل العبودية، والعمل فى الوسية، والجهل والتخلف والجوع، وأعادت الكبرياء والكرامة لأبناء الجناينى وعمال اليومية وأصحاب الحرف الصغيرة، وهم الإجماع الشعبى..!!
وصبيحة أمس 23 يوليو، ارتدى «صاحبنا» ملابس العيد، وتوجه برفقة رجاله «الحنجوريين» إلى ضريح الزعيم فى منشية البكرى وسط القاهرة، لعلمه أن وسائل الإعلام المختلفة ستكون حاضرة فوق الضريح بقوة، بجانب عدد من رجال الدولة وكبار المسؤولين، وأسرة الراحل العظيم، وهى الأجواء التى يعشقها «صاحبنا» ليخرج كل طاقته السلبية فى شكل شعارات يحفظها منذ كان طالبا فى السبعينيات ولم يغيرها حتى كتابة هذه السطور، تهاجم النظام، وتدعو للفوضى والتخريب..!!
وبمجرد وصوله إلى مقر الضريح، فوجئ المناضل الناصرى والإخوانى المتعاطف والناشط الثورى والحزبى والسياسى الحنجورى، والكاتب الصحفى، حمدين صباحى، برفض أسرة الراحل جمال عبدالناصر، استقباله، ومصافحته، وبرر المهندس عبدالحكيم عبدالناصر هذا الرفض، بأنه اعتراض على مواقف «صباحى» الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، ووضع يده فى أيديهم، رغم تدثره بالعباءة الناصرية..!!
ولا نعرف، هل حمدين صباحى ناصرى فعليا، أم ناشطا حقوقيا، أم إخوانى عتيد؟ وإذا كان ناصريا، فكيف يهاجم القوات المسلحة من خلال مساندته ودعمه لجماعة تكره جمال عبدالناصر كراهية التحريم، ومن قبله كل من ينتمى للقوات المسلحة، وتردد دائما شعارات يسقط يسقط حكم العسكر، ويدس السم فى العسل بنداءاته الدائمة أنه يريد لمصر حاكما مدنيا، فى هجوم لكل من ارتدى البدلة العسكرية، تارة لمزا وغمزا، وتارة أخرى يقولها صراحة، ثم يحلف بحياة الزعيم جمال عبدالناصر واعتباره الحاكم النموذج، وكأن الراحل خريج «تجارة إنجليش أو آداب فلسفة»، وليس خريج المدرسة العسكرية..!!
ورغم تدثر حمدين صباحى، بالعباءة الناصرية، إلا أنه لعب الدور الأبرز فى تعطيل مسيرة الحزب الناصرى، وإشعال نار الفتنة بين قياداته التاريخية، ضياء الدين داود، وفريد عبدالكريم، كما حاول السيطرة على صحيفة «العربى الناصرى» الناطقة باسم الحزب.
وبعد نجاحه المدهش فى شق صف الحزب الناصرى، والإجهاز عليه، قرر اختطاف عدد من الناصريين، وتأسيس حزب «الكرامة»، وأصدر صحيفة «الكرامة»، التى لم توزع مائة نسخة، وبعد فترة فوجئنا به يقفز من سفينة حزب الكرامة، ويؤسس تيارًا حمل اسم «التيار الشعبى»، ولم تمر أشهر قليلة، حتى فوجئنا بتحول التيار إلى حزب يحمل نفس الاسم «التيار الشعبى»، ثم فوجئنا مرة ثالثة، بإعلان حمدين صباحى دمج حزبى الكرامة والتيار الشعبى.
وعلى غرار المقولة الشهيرة «ودنك منين يا جحا»، لا نعرف سر انفصال الكرامة عن التيار الشعبى، ولا دمجهما من جديد، مع أن أعضاء حزب الكرامة هم أنفسهم أعضاء حزب التيار الشعبى!
الناشط الكبير حمدين صباحى، رجل يجيد فقط قيادة قطار التشويه والتدمير، والسير به عكس اتجاه المنطق وأصوات العقل، باحثًا عن تحقيق أمله وحلمه الوحيد الذى يرى أنه جاء إلى هذه الدنيا من أجله، أن يكون رئيسًا لمصر حتى ولو ليوم واحد، ويحصل على لقب رئيس مصر السابق، إمعانا فى أن يُخلد اسمه وصوره فى كتب التاريخ بجوار من حكموا مصر.
حمدين صباحى ونظرا لإدراكه ويقينه التام بأنه ليس له أى تأثير سياسى، أو شعبى، ونفس الأمر بالنسبة لمن حوله من أتباعه، وظهر ذلك فى فشله وسقوطه المتتالى وإلى حد الفضيحة فى كل الاستحقاقات الانتخابية التى خاضها، بجانب فشل كل المنابر السياسية التى أسسها، وفشله المهنى فى أن يكون صحفيا أو كاتبا كبيرا، له قلم مؤثر، لذلك يتخبط بين أن يكون ناصريا، أو إخوانيا متعاطفا، أم سياسيا مستقلا يتحدث باسم الشعب المصرى، ويصدر البيانات المنددة للنظام، ويعطيهم درسا فى فنون السياسة، ويشرح لهم السياسة الرشيدة القائمة على الكلام والحوار والتوافق والتعددية الحزبية وفقا للدستور، وأن الاستئثار بالقرارات المصيرية مع مطالبة الجميع بالصمت، بحجة أن الوطن فى خطر، هو فى ذاته عين الخطر المحدق بالوطن.
وبالفعل، رأينا أمس وجوده فى ضريح عبدالناصر، يوظف حدث الاحتفال بثورة يوليو سياسيا، من خلال ترديد الهتافات خلف كمال أبو عيطة وزير القوى العاملة الأسبق، ويسجل وجوده أمام وسائل الإعلام المختلفة، ثم انصرف سريعا.
إنها «اللقطة» يا سيدى، ولا يهم حمدين صباحى ورفاقه إلا «اللقطة» وتوثيقها إعلاميا، ليقول للجميع: إننى موجود.. لذلك فإن أسرة الزعيم الخالد تعى حقيقة الرجل «المناضل بسلامته» جيدا، ومن ثم رفضت استقباله أو حتى مصافحته..!!