المتابع لمباريات مونديال روسيا لابد وأن يلاحظ أن السمة الغالبة لهذا المونديال هى خروج الفرق والمنتخبات الكبرى المصنفة دائما لاحتكار الأدوار النهائية فى أى مونديال، وظهور الفرق والمنتخبات الصغيرة من أفريقيا وأمريكا اللاتينية بمظهر الند للفرق العريقة، الأمر الذى يشعرنا بالمرارة، لأن منتخبنا بالورقة والقلم، لو كانت الإدارة على مستوى المسؤولية ولم يلعب كل واحد من أجل مصالحه الشخصية ولو كان المدير الفنى قائدا من طراز حسام حسن أو حسن شحاتة لا يغره الاحتراف الوهمى، ويستطيع اختيار أفضل العناصر من الداخل والخارج وبث الروح القتالية فيهم، لكان مكاننا فى دور الثمانية محجوزا.
كلامى هذا ليس من قبيل المبالغة ولا البكاء على اللبن المسكوب أو جلد الذات، ولكنه كلام يأسف على مهارتنا فى إهدار الموارد المتاحة، بينما نحن دولة فقيرة نامية لها تاريخ وطموح، وطموحها يقوم بالأساس على التوظيف الأمثل لكل مورد من مواردها، ولا تحتمل الفساد ولا الإفساد مهما كان صغيرا، كما لا تحتمل المسؤول غير المناسب فى المكان غير المناسب، لأن الفشل سيكون عنوانا كبيرا لنتائجه.
كان لدينا فرصة، وكان عندنا البديل الكفء من اللاعبين والمديرين الفنيين، لكن المصالح الشخصية تغلبت على المصلحة العامة وقصر النظر والعجز قهرا أصحاب الرؤية والمهارة، وأصابا المصريين جميعا بالضغط والسكر واليأس، وكم كان لنا تحذيرات ونصائح نحن وغيرنا من ضرورة معرفة إمكاناتنا وتوظيفها جيدا قبل المونديال، وضربنا أمثلة عديدة بالمدربين الوطنيين الذين صنعوا مجد الكرة المصرية، وأن المنتخبات غير الأندية، لأن اللعب للمنتخب يحتاج إلى روح قتالية وشعور جارف بالمسؤولية الوطنية والتزام إدارى وفنى كامل، أما السمسرة ونظام «شيلنى وأشيلك» والتسيب الكامل الذى فاحت رائحته قبل روسيا فى اختيار قائمة المنتخب وفى روسيا طبعا، أهدر فرصنا فى بلوغ ما يتمناه المصريون.
البعض يحلو له أن يرتضى الفشل ويحاول إقناعنا بابتلاعه والدفاع عنه باعتباره كل المتاح والخيار الذى يتناسب مع إمكاناتنا، وهؤلاء نقول لهم «اخرسوا، أمثالكم لا يجب أن يتولوا أى منصب إدارى ولا أن يكونوا فى أى موقع قيادى، أنتم السوس الذى ينخر فى المنظومة الرياضية وفى أى منظومة أخرى، وأمثالكم هم من يعطلون جهود التنمية فى هذا البلد الأمين الصابر المكافح».
لا نريد المبرراتية الذين لا يعرفون إمكاناتنا ويقبلون بالفشل والفساد والتهاون، نريد كتيبة من المقاتلين فى كل موقع ومؤسسة واتحاد وفريق وطنى، أمثال هؤلاء المقاتلين هم من يصنعون الفارق ويعبرون الحواجز والعقبات لتحقيق الإنجازات، ومن لا يصدق يتابع منتخب روسيا المصنف رقم 60 على العالم، أى بعدنا بـ15 مركزا فى المتوسط، وكيف استطاع مدربه الوطنى القدير بناء فريق من عناصر معظمها محليون وأعمار بعض اللاعبين تتجاوز الثامنة والثلاثين عاما، لكنه زرع فيهم العقيدة القتالية للدفاع عن شرف منتخبهم وعلم بلادهم، بينما اعتبرنا نحن المونديال سبوبة، لـ«تهليب» الأموال الحرام وللفسحة والتهريج وإنجاز المصالح
هذا ما أسميه بإهدار الموارد الممكنة، وهو بالتأكيد عكس المسار الذى نرتضيه جميعا لمنتخبنا الوطنى فى المنافسات الدولية، أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة