وكأن قدر مصر أن تتعرض للتشويه من الداخل والخارج سواء من أبناء محسوبين عليها أو من غير أبنائها.. والاثنان لا يريدونها أن تتقدم.
أما مشوهو الخارج فأجهزة الدولة قادرة على إيقافهم عند حدهم والتعامل معهم، لكن المشكلة الحقيقية عندما يأتى التشويه من الداخل من مجموعات محسوبة على النخبة تارة وعلى المثقفين تارة أخرى.
يطلقون على أنفسهم «مناضلين» رغم أنهم ورفقاء نضالهم لا يتفقون على شىء سوى الهدم والخراب والتدمير، حتى أصبح اللفظ نفسه «سيئ السمعة» وأصبح المعنى الحقيقى للتشويه وقلب الحقائق، فكلما كنت كذوبا وأفاقا ولديك المقدرة الأكبر على لى الحقائق بل وإنكارها بقدر مكاسبك التى تجنيها من «النضال»، آسف الكذب والتدليس.
نقابة الصحفيين ابتليت بمجموعة ممن يطلقون على أنفسهم «المناضلين»، دائما نضالهم يكون ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، وافتعال الأزمات وخلق حالة من الانقسام فى المجتمع، وهذه الظاهرة موجودة فى الوسط الصحفى كما هى موجودة فى أوساط المجتمع المختلفة.
يدعون حرصهم على الصحافة وعلى حقوق زملائهم الصحفيين، وبالطبع هذا كذب أشر ولم يحدث فى تاريخ قوانين الإعلام التى صدرت فى مصر أن وجد قانون يتضمن 18 نصا لتنظيم حقوق الصحفيين والإعلاميين، بل على العكس فإنه تمت إضافة نصوص أخرى جديدة على النصوص التقليدية، منها النص على أنه لا يجوز تفتيش مسكن الصحفى أو الإعلامى إلا فى وجود عضو من النيابة العامة، كذلك جرّم القانون الاعتداء على الصحفى أو الإعلامى أثناء أو بسبب تأدية عمله لتصل العقوبة فيها إلى الحبس والغرامة، كما تضمن القانون امتيازات كثيرة للصحفيين لمواجهة مشاكل عديدة ظهرت خلال السنوات الماضية، منها على سبيل المثال أزمة العاملين فى الصحف ذات الترخيص الأجنبى باشتراط ضرورة حصول تلك الصحف على تصريح قبل بدء عملها من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبالتالى أصبح عليها أن توفق أوضاعها مع القوانين المصرية، كما تم إلزام جميع الصحف الخاصة والحزبية والمؤسسات الإعلامية بإنشاء صندوق لتأمين العجز والبطالة للصحفيين والعاملين بها، كما أن القانون الجديد ألزم تلك المؤسسات عند بدء عملها بإيداع مبلغ لمدة لا تقل عن عام ليتم من خلاله الوفاء بحقوق العاملين بتلك المؤسسة حال تعثرها عن العمل أو توقف نشاطها.
نقابة الصحفيين أرسلت مرتين ملاحظاتها قبل مناقشة مشروع القانون إلى لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، وقد عرض فى المجلس ما أرسلته النقابة من ملاحظات، وعقب ذلك لم يتحدثوا فى الأمر، لكننى وبكل صراحة كنت أتمنى أن يقف نقيبنا عبدالمحسن سلامة بحماس فى وجه هؤلاء «المناضلين» كذبا ويكون على قدر المسؤولية التى منحه إياها الصحفيون ووقفوا فى وجه من كانوا يريدون خطف النقابة لتيار سياسى، نعم كنت أتمنى أن يكون كالكاتب الصحفى كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، الذى وقف مدافعا عن مشروع قانون يرى أنه يحقق الصالح للمؤسسات الصحفية، وكانت له والهيئة بكاملها منذ البداية ملاحظاتهم على بعض المواد التى سجلوها وناقشوها مع لجنة الإعلام بمجلس النواب، وكل أوضح رأيه، وكل برهن بالحجة صحة رأيه، فإما أقنعت الهيئة اللجنة أو العكس.
اللافت أن الكثير من المعترضين على القانون لم يقرأوه، ومشكلتهم المادة التى تعرضت لمواقع التواصل الاجتماعى الذى يعيشون عليه ليصنعوا عالمهم الافتراضى الخاص بهم، وهو ما يحقق لهم البطولات الزائفة من خلال «اللايك والكومنت والشير» لكن الدولة رأت أن تحافظ على المجتمع من آفاته، خاصة أنه يتعدى تأثير الصحف فى المجتمع لاسيما تلك ذات الانتشار المحدود وتطبع ألف نسخة مثلا، والميزة لدى وسائل التواصل الاجتماعى و«السوشيال ميديا» تعمل على مدار الساعة يوميا دون أعباء مالية، وتحرك كل شىء فى العالم، وحتى 5 آلاف متابع على وسائل التواصل الاجتماعى «فيس بوك» فالشخص حر، وإذا تخطى هذا العدد فإن فيسبوك يظهر بروتوكولاً للشخص واسع الانتشار ويتعامل معه بشكل آخر، ووفق مشروع القانون إذا أطلق الشخص الذى يملك أكثر من خمسة آلاف متابع شائعات أو حرّض على العنف والكراهية يدخل ضمن منظومة «الإعلام الإلكترونى ووسائل الإعلام» ويخضع للمحاسبة، فليس كل ما يسمع يقال وهذا ما فعلته دول كثيرة، ولا تعارض هنا ما بين سلطة الحجب مع حرية الرأى والتعبير، لأن الحديث هنا عن شائعات قد تتسبب فى فتنة ومشكلات كبيرة، قل رأيك كما تحب بحرية وانتقد من شئت والحكومة والمسؤولين، لكن لا تروج شائعات ومعلومات غير صحيحة، فهذا ليس من حرية الرأى والتعبير مع أن دولاً كثيرة تضع معايير أقسى من التى وضعها القانون المصرى، وهذه ليست بدعة مصرية وأنصحكم بالدخول على الإنترنت، واستخدموه هذه المرة فى شىء نافع، وابحثوا عن تعامل ألمانيا وماليزيا والإمارات والصين مع هذه المواقع، وكذلك الأبحاث ورأى الخبراء عما يبث من شائعات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى وكيف تدرس بعض الدول حاليا عمل إجراءات حمائية لمجتمعاتها من التأثيرات السلبية لهذه المواقع، أم أنكم ترون هذه المادة مكبلة لشائعاتكم التى تطلقونها.
إنهم يفهمون معنى الحرية بشكل خاطئ، فحرية الرأى والتعبير هى ملك للمجتمع وليست للصحفى، بل تعطى له ليغذى المجتمع بالمعلومات الصحيحة، ولو أساء الصحفى استخدام هذه السلطة فى نشر معلومات خاطئة أو شائعات فإنه لا يستحق هذه الحرية بخروجه عن المهنية، وهناك إجراءات للمحاسبة بهذا الشأن وهذا معروف فى كل العالم ما عدا هؤلاء، فالحرية عندهم تعنى الهدم والتخريب وعدم المحاسبة على الخطأ ولن أقول الجريمة التى يرتكبونها.
نعلم أنه موسم انتخابات نقابة الصحفيين، وهؤلاء يريدون الدخول فى معارك وهمية تحقق لهم بعض التواجد فى الشارع الصحفى، وبالطبع يرى هؤلاء المخربون ضالتهم للرجوع مرة أخرى للإمساك بالمعاول لهدم الدولة التى بدأت بناء مؤسساتها وتستكمل البناء بقوانين الإعلام والصحافة، وهذا البناء لا يأتى على هوى هواة التخريب، فقد وجدوا ضالتهم وعمل محاولة جديدة للانتقام من الدولة التى طبقت القانون من قبل ورفضت أن تكون النقابة ملاذا للهاربين، ورفض الصحفيون أن تسيس نقابتهم.
الدولة فى حالة حرب مع الإرهاب، ومع ذلك لم تستخدم قوانين استثنائية ولم تجعلك تشعر بأنك فى حرب، ومع ذلك مازلت تمسك بمعولك لتهدم ما بناه غيرك من الشباب الذين ضحوا بحياتهم وتخضبت الرمال بدمائهم لكى تهنأ بالأمن الذى تعيش فيه وسط أبنائك وأمك وزوجتك.
وفى النهاية أقول لهؤلاء المشوهين «المناضلين» الكاذبين، إن مصر الآن غير أى عصر مضى، ففى الماضى كنت تجنى مكاسب من علو صوتك ونضالك الكاذب، أما الآن فلا مكاسب لكم فى مصر.