بمجرد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المفاجئ استعداده للجلوس مع قادة إيران دون أى شروط مسبقة، سارع المحللون إلى عقد المقارنات بين نهج ترامب إزاء كوريا الشمالية وإيران. وذهب بعضهم إلى القول بأن ترامب يكرر ما فعله مع بيونج يانج مرة أخرى، ويتبع أسلوب الشد والجذب مع طهران.
فقبل القمة التاريخية التى عقدها ترامب مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون فى سنغافورة فى يونيو الماض، رفع سقف تهديداته ضد نظامها الحاكم لأعلى مستوى جعل الكثيرين يترقبون بحذر اندلاع الحرب النووية بين الجانبين، لاسيما فى ظل نبرة التحدى التى تمسك بها كيم حتى اللحظة الأخيرة. لكن فجأة وبدون سابق إنذار، انقشعت سحابة التوتر وتراجعت أجواء الحرب وأعلن ترامب استعداده للجلوس مع كيم، وهو ما حدث بالفعل بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكى لبيونج يانج التى كانت تعتبر العدو الأول لأمريكا.
ورغم أن القمة لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن، فحتى ما قيل عن تفكيك كوريا الشمالية لمنشآتها النووية طغت عليه أخبار تطويرها صواريخ باليستية جديدة، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية الثلاثاء، إلا أن ترامب على ما يبدو النجاح الذى تصور انه حققه فى إخضاع كيم، ويريد تكرار الأمر مع ملالى إيران.
فقبل العرض السخى بمفاوضات دون شروط مسبقة مع قادة إيران، شن ترامب هجوما عنيفا على طهران، وحذر روحانى قبل أسبوع فى تغريدة على تويتر من عواقب كارثية لو هددت بلاده الولايات المتحدة. وقال ترامب للرئيس الإيرانى "كن حذرا.. فقد ارتفعت أسعار النفط لفترة وجيزة بسبب المخاوف من احتمال تعطل الإمدادات".
وقتها علقت صحيفة "نيويورك تايمز"ن وقالت التصعيد المتزايد بين ترامب والقادة الإيرانيين، والذى يذكر بموقف الرئيس مع كوريا الشمالية، قد أثار مخاوف بمواجهة عسكرية فى الخليج العربى، القناة الحيوية لإمدادات النفط لعالمية، أو ربما أكبر من ذلك.
ونقلت الصحيفة عن كليف كوكان، رئيس مجموعة يوراشيا لاستشارات المخاطر السياسية فى واشنطن، قوله إنه لا يعتقد أن أيا من الطرفين يريد الحرب، لكنه استطرد قائلا إننا ندخل مرحلة من التصعيد المحتمل وهذا يمثل خطرا حقيقيا.
ولكل هذه الأسباب كان قرار ترامب بعرض التفاوض غير المسبق مع إيران مفاجئا. لكن لماذا لن تسير الأمور على نفس الدرب الذى سارت عليه مع كوريا الشمالية؟ هناك عدة أسباب..
1- إيران بليست دولة معزولة تماما كما هو الحال الذى كانت عليه كوريا الشمالية، بل هناك اتفاقا نوويا موقعا بينها وبين الدول الكبرى يحل أزمة برنامجها النووى ونال رضا العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة، حتى وإن كان ترامب قد قرر الانقلاب على الوضع والانسحاب من الاتفاق. فتظل فرنسا وألمانيا والصين وغيرها تدعم الاتفاق وتؤيد موقف إيران.
2- بعيدا عن الاتفاق النووى، هناك دول قوية تساند إيران لأمور تتعلق بالمصالح المتشابكة فى الشرق الأوسط. فروسيا لا تتوانى عن الدفاع عن طهران التى تشكل معها جبهة الدفاع عن الرئيس السورى بشار الأسد فى الحرب الدائرة فى بلاده، ومن ثن فهى لا تعتبر نفسها وحيدة فى مواجهة أمريكا
3- أن الإيرانيين لا يأمنون مكر ترامب، ولا يثقون به، ومن ثم جاء ردهم واضح وصريح ولم يسل لعابهم للعرض المغرى من الرئيس الأمريكى. حيث صرح المستشار السياسى للرئيس روحانى قائلا لو كان دونالد ترامب يرغب فى إجراء محادثات مع طهران، فعليه الانضمام مجددا إلى الاتفاق النووى الدولى الذى انسحب منه من جانب واحد فى وقت سابق من هذا العام.
ونقلت شبكة "ايه بى سى" الأمريكية، عن المستشار السياسى حميد أبو طالبى قوله إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تنضم مجددا للاتفاق حتى يتم إجراء المحادثات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة