محمد حبوشه

لا تقتلوا "محمد رمضان" بل ارموه بحجر ليفيق

الجمعة، 10 أغسطس 2018 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يروى أن جماعة متعصبة من الكتبة قبضوا على امرأة متلبسة بخطيئة، فأحضروها إلى السيد المسيح عليه السلام ليروا حكمه عليها، وكان فى حكم الشريعة يجب رجمها فى مثل تلك الحالة، لكن السيد المسيح قال لهم: "من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر"، وعندما خرجوا وبقى "يسوع" قال لها: "أما أدانك أحد؟"، فقالت: "لا يا سيد"، فقال لها: "ولا أنا أدينك، اذهبى بسلام ولا تخطئى أيضاً".

 

أذكر واقعة التسامح تلك من جانب السيد المسيح عليه السلام بمناسبة حملة الهجوم الشرسة على الفنان "محمد رمضان" فى أعقاب كليبه الجديد "أنا الملك"، والذى لم يثر حفيظة زملائه الذين قصدهم فى عقله فقط، بل أثار حفيظة قطاع كبير من الجمهور الذى يتشدق به هو نفسه مستشهدا دائما ومؤكدا فى كل تصريحاته بأنه يقف فى ظهره، لكن يبدو أنه قد بلغ السيل الزبى، فلم يعد يطيق قطاع كبير من جمهور "رمضان" استفزازاته المتكررة فى إصراره وعناد دائم على التحدى وتصديق نفسه بطريقة هيستريا تنم عن معاناته من مرض نفسى عضال تمكن منه - بحسب الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى - الذى قال: إن ظهور الفنان محمد رمضان مع طائرة خاصة عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى "إنستجرام" وقبلها مع سيارات ضخمة يشير إلى وجود حالة من التباهى والتظاهر، وإن أى شخص يصل للنجومية والشهرة يتأثر نفسيا لدرجة قد تصيبه بالنرجسية، وأكد أن النجومية السريعة لمحمد رمضان جعلته لا يصدق نفسه، لذا هو يحتاج الآن إلى النصيحة والمشورة، لأن الدخول فى هذه المرحلة يهدد نجوميته ويعزله عن جمهوره، لدرجة أنه يحتاج إلى تأهيل نفسي بعدما وصل إليه.

 

نعم يحتاج "رمضان" قدرا من التسامح على طريقة السيد المسيح عليه السلام من جانبنا نحن، فضلا عن الرحمة والشفقة فى التعامل معه كمريض نفسيى يجب تأهيله، نظرا لأنه يعانى كما يتضح لنا جليا من عقدة "الأنا" والتى تعد واحدة من العقد النفسية المنتشرة بشكل كبير فى البشر، فثمة شخص على الأقل بين كل عشرة أشخاص يعانى من تلك العقدة، والحقيقة أن خطورة "الأنا" تكمن فى نظرة الشخص لنفسه وليس نظرته للآخرين، فهو يتخيل أنه لا أحد يصلح لأى شيء سواه، وأنه هو الوحيد القادر على الإنتاج والإنجاز فى هذا العالم، بينما كل من هم موجودين حوله قد وجدوا فقط من أجل مساعدته وخدمته، تماما كما يرى "رمضان" نفسه حاليا، بعدما انتابه قدر كبير من الغرور جراء عدة عقد نفسية أخرى غير "الأنا"، غير مدرك أن تلك العقد النفسية واحدة من أكثر الأشياء التى تُفسد على الإنسان حياته، خاصةً إذا كانت تلك العقدة تحمل أصولا قديمة، فعندما يتعرض الشخص لأى موقف سيئ فإن مشاعره وذكرياته التى تشكلت فى ذلك الموقف يتم تخزينها بصورة لا إرادية داخل اللاوعى، ثم تظل هكذا دون أن يشعر الإنسان بها حتى يتعرض إلى موقف مشابه، وهنا تحدث عملية الصراع، وتختلف الاستجابة للموقف المشابه بسبب الذكريات القديمة التى تكون سيئة فى أغلب الأحوال، والحقيقة أن علماء النفس لم يجدوا أفضل من وصف العقدة كى يصفونه بها ما يتعرض له الشخص فى مثل هذه الظروف، وبمرور الوقت بات اكتشاف العقد الجديدة أمرا شبه عادى، لكن أن تكون بعض تلك العقد مرعبة - كما فى حالة رمضان - فهذا هو ما يستحق الاهتمام بلا أدنى شك.

 

علينا جميعا كجمهور يدرك موهبته أولا، ومحب لبعض من فنه وليس كله كما يعتقد هو ثانيا، أن نلقى عليه حجرا كى يفيق، صحيح أن "رمضان" معجون بالفن الجاذب والموهبة البكر والقبول التلقائى، حيث يتمتع بملامح مصرية أصيلة ربما تكون مرسومة فى وجوه شباب جيله، وهو نجم السنوات القادمة بلا منازع، لكن شريطة أن يحسن الاختيار ويهدئ من روع نفسه التى تقوده إلى الهلاك، ومن ثم أرى أنه ينقصه الحصافة والتدقيق فى سبيل إعلاء شأن رسالة الفن - التى لايعيها على الأغلب - كأهم أدوات إشاعة الوعى والتنوير، ذلك الفن الذى ينحاز للقيم والأخلاق ولا يجرنا إلى دوامات العنف المفرط والإيذاء الزائد عن الحد كما ورد فى العديد أعماله السينمائية والتليفزيونية.

 

يبدو لى كما يبدو ولكثير من متابعى مسيرة "رمضان" الفنية القصيرة أن نجاحه الكبير على المستوى السينمائى والدرامى والمسرحى لم يشبعه، فأصبح فى الآونة الأخيرة عبارة عن مادة دسمة لرواد مواقع التواصل الاجتماعى الذين سخر غالبيتهم من نشر "رمضان" صورة على "فيس بوك" تجمع بين سيارتين جديدتين قام بشرائهما تبلغ قيمتهما نحو 8 ملايين جنيه، متهمين إياه بعقدة النقص وعدم مراعاه شعور الفقراء والبسطاء فى مجتمعنا المصري، ولم يصمت "رمضان" أمام كم الانتقادات والسخرية الموجهة إليه من زملائه فى الوسط الفنى أو بعض المشاهير الآخرين الذين لا تربطهم به صلة صداقة، مستعينًا ببعض الأقاويل فى مسلسله "الأسطورة" الذى قدم من خلاله دور تاجر سلاح.

 

الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، أبرز الذين تعرضوا مؤخرا لتحليل شخصية "رمضان" بعد اتهامه بالاستعراض بثروته بشكل مبالغ فيه، وبالتعدى على أى شخص يهاجمه أو يختلف معه فى وجهات النظر، فقال "فرويز": من الناحية الفنية لا يوجد اختلاف على أن محمد رمضان ممثل جيد وموهوب، ولكن بعض تصرفاته واختياراته تنم عن أنه شخص يدمر المجتمع بصورة غير مباشرة، فبالتالى ما يقوم به من الاستعراض بسيارته الفارهة ما هو إلا عملية تعويضية يمحو بها سنوات الحرمان التى عاشها.

 

 وأكد "فرويز" أن ما يفعله "رمضان" ليس بحجة مشاركة جمهوره لحظات قريبة من قلبه، بل إنها مقصودة وموجهة لبعض الأشخاص فى مخيلته كانوا عايرونه بماضيه وفقره، مشيرا إلى أنه يريد إثبات للجميع ما وصل إليه من نجاحات جعلته يمتلك ثروة هائلة، وهو أمر مبالغ فيه لأن هناك كثيرين من الفنانين كانوا مثل محمد رمضان ولم يفعلوا ما فعله من التباهى والاستعراض، وأشار إلى أنه ينتقم من ماضيه والحالة المادية السيئة التى كان يمر بها بالرغم من أنه شىء ليس عيبا، ولم يقلل من قدره كفنان محبوب ولديه جماهيرية كبيرة، أما عن مسألة هجومه على زملائه فى الوسط الفنى بسبب انتقادهم له، وصف "فرويز" رمضان بأنه فنان يفتقد معايير النجومية لأنه يرد على كل من يهاجمه وهو أمر لا يتناسب مع النجم المشهور.

 

ينسى محمد رمضان دائماً أنه لا يضمن أفلامه ومسلسلاته رسائل تنويرية تحض على كراهية العنف، وتؤصل لمفهوم العقاب والردع، فكما يوجد فاسدون لهم ذراع طولى فى المجتمع، توجد بالمقابل أجهزة أمنية ورقابية لها قوة باطشة، والضابط المنحرف الذى استعرضه مؤخرا هو مجرد بقعة سوداء يتم التخلص منها ولو بعد حين، وفوق هذا وذاك يصبح من الظلم تجسيد الواقع وكأننا نعيش فى مقاطعة شاردة تحمكها قوانينها الخاصة، ويدير أمورها مجموعة من الأشقياء الذين يمتلكون أفخم القصور وأفخر السيارات ومئات الملايين من الدولارات، ويستطيع ذلك الهلفوت الذى أطلق عليه "الأسطورة" أن يصبح بين يوم وليلة الحاكم الآمر الناهي.

 

لدينا نماذج أصلية " "Original modelsلعبوا أدوار الشر مثل الراحلون الكبار "فريد شوقى وزكى رستم ومحمود المليجى واستيفان روستى"، ولكن لم تغب عنهم أبدا رسالة الفن السامية النبيلة، ولهذا فقد عاشوا فى الوجدان المصرى ولمعوا وتوهجوا طويلا، أما "محمد رمضان" صاحب الشعبية رقم واحد الآن - بزعمه هو نفسه وليس باستفتاء الجمهور - فيحرق نفسه بنفسه بلعبه أدوارا تهبط به إلى القاع وتبتعد عن القمة التى ينشدها، بل إنه يفقد كل يوم قطاعات كبيرة من جمهوره الذى أحبه فى بعض الأدوار مثل "حبيشة" فى مسلسل "إبن حلال"، ومن ثم فعليه أن يبحث جيدا عن فن راق يمكن أن يضاف إلى رصيد الفن المصرى الحقيقي، خاصة أنه نجم يمتلك مواهب كبيرة وإمكانات واعدة، لكنه دائما وأبدا يصر على أن يأخذنا إلى جانب مظلم فى المجتمع، بحيث يثير الفزع والاشمئزاز وتوتر الأعصاب الذى يؤكد عليه بعد ذلك فى كليباته المقززة "نمبروان" و"أنا الملك"، وهو يتبختر كالطاووس مع الحيوانات المفترسة ووسط عاريات داخل حمام السباحة، وهى مشاهد لا أظنها مناسبة لنجم يرى فى نفسه قدوة لأبناء جيله من الشباب العاطل عن العمل أو فاقد الأمل فى غد أكثر إشراقا بفعل الضغوط الاقتصادية القاتلة التى نعيشها حاليا.

 

خلاصة القول : ربما تكررت أخطاء "محمد رمضان" الكارثية فى حق زملائه وجمهوره المصرى الذى أحبه يوما، ورأى فيه أملا جديدا فى الصبر و تحدى المستحيل، ومع ذلك لست مع قتله معنويا، فقط علينا أن نرميه بحجر ربما يفيق ويستوعب أن درس النجومية وذيوعها لا تقتصر فقط على الموهبة التى هى عامل حاسم فى بزوغ هذا الممثل أو ذاك، ولكن هناك عوامل أخرى تدخل فى هذه النجومية، يمكن أن يطلق عليها صناعة النجم؛ كما يبرز أيضا دور الفن ومهمته، وهل للفن وظيفة ما، أم أنه عاكس لحركة المجتمع، وهل هناك دور أخلاقى للفن، أم أن الفن فقط للفن، وهل يؤدى العمل الفنى دور الواعظ الذى يذهِب كثيرا بالقيمة الفنية للعمل، ومما لا جدال فيه أن الفن مرآة المجتمع، يأخذ منه مادته، ويعالجها الفنان، مرة بالريشة، وأخرى بالصوت، وثالثة بالكلمة، ورابعة بالنغمة، ويبقى المجتمع هو الملهِم، وتظل حركة المجتمع هى المؤثر الأول والدافع الأهم لأى من الأعمال الأدبية والفنية.

 

لقد تابعت حجم الهجوم الهائل فى مقالات عدة وعبر مواقع التواصل الاجتماعى و برامج "التوك شو" على "محمد رمضان" فى أعقاب كليبه الأخير"أنا الملك" وأشفقت عليه بعد وصوله إلى حالة من المرض النفسى أفقدته فهم الرسالة الفنية، لكنى مع ذلك لم أفقد الأمل فى إصلاحه، فقديما سألوا الكاتب الراحل على سالم: "مسرحيتك "مدرسة المشاغبين" دمرت أجيالا بأكملها، وأفسدت التعليم، ما ردك على ذلك"؟، كانت إجابته بسيطة، لكنها قوية فى معناها، كشفت عن ضحالة وسخافة من اتهموه بذلك، حيث قال: إذا كان هناك مجتمعا أفسدته مسرحية واحدة، فيمكن أن نعمل مسرحيتين أو ثلاث أو عشرة ونصلح بهم المجتمع والدنيا ونعيش فى حياة فاضلة كريمة.. اذهبوا وافعلوا ذلك إذا كان معكم الحق، ومن هنا يبقى الأمل متجددا فى اختيارات جيدة وذات قيمة تتناسب مع موهبة "رمضان" الواعدة، وهذا كفيل بالتاكيد بتغيير الصورة الذهنية عنه وعن أدوار البلطجة التى اعتادها فى معظم أعماله السابقة.










مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

سعيد رزق

من الذي يستحق الحجر

من الذي صنع محمد رمضان انه الذوق السئ الذي اصبنا به والمنتجين و غذا لم يكن محد رمضان مربحا للمنتجين فلن يظهروه ولكن محد رمضان مربحا بسبب الذوق المتردي الذين اصاب شبابنا والاسباب معروفه ونتجاهلها ارجوا معالجة السبب وليس العرض

عدد الردود 0

بواسطة:

ادهم

ياسيدي لو رميناه بحجر

فسوف يفتح علينا مطواة قرن غزال !

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة