بقدر ما يكشف حادث مسطرد عن نجاح واضح للجهود الأمنية التى بذلت خلال الفترة الماضية، فهو أيضا يشير إلى أن التنظيمات الإرهابية تواصل سعيها لإثبات وجود بعد الهزائم التى تلقتها على مدى شهور ونجاح أجهزة الأمن والمعلومات فى توجيه ضربات استباقية لكشف الخلايا الإرهابية التى تحاول بكل الطرق إثبات وجودها، خاصة بعد نجاح العملية سيناء 2018 فى إعادة الأمن لشمال سيناء وقرب إعلان نهاية الإرهاب المدعوم خارجيا بالمال والإعلام، وأيضا مع ظهور نتائج الاستقرار الأمنى فى الشارع وأيضا فى عودة للسياحة، وكل هذا يمثل فشلا للتنظيمات الإرهابية امام مموليها والجهات الداعمة لها.
وقد نجحت أجهزة الأمن فى فرض خطط تأمين للكنائس ودور العبادة، وتجلى ذلك فى إحباط محاولة انتحارى تفجير نفسه بالقرب من كنيسة السيدة العذراء بمنطقة مسطرد بشبرا الخيمة، لينفجر فيه الحزام الناسف.
وكان الهدف من هذه العملية أن يتسلل الإرهابى الذى أحاط نفسه بحزام ناسف، وسط الأقباط المحتفلين بمولد «العذراء» بكنيسة السيدة العذراء بشبرا، لتفجير نفسه وإسقاط اكبر عدد من الضحايا، لكن يقظة أجهزة الأمن اضطرته للتراجع وتفجير نفسه ومقتله.
جرت العادة أن تستغل التنظيمات الإرهابية المناسبات الدينية لتنفيذ عملياتها، مثلما جرى فى كنيسة طنطا والإسكندرية، وتراهن على احتمالات الارتخاء الأمنى ووجود ثغرات يمكن أن ينفذ منها الإرهابى ليفجر نفسه، لكن التمسك بخطط أمنية وكردونات ثابتة ومتحركة يساعد فى إحباط هذه التحركات. وهو ما ظهر فى مسطرد.
محاولة عودة الإرهاب بعد شهور من التوقف تشير إلى إصرار التنظيمات الإرهابية على إثبات وجودها بالسعى لتنفيذ أى عملية باستخدام أحد مغسولى الدماغ ممن يتم تحويلهم إلى قنابل بشرية، حيث يتم اختيار عناصر قابلة للتتويه والتشكيل مع جهل يمنعهم من تشغيل عقولهم، حيث يتم شحنهم تجاه الأبرياء استغلالا لهوس متطرف واختلال نفسى، وهذه النوعيات من الإرهابيين الكامنين ليست هنا فقط، لكنها ظاهرة عالمية أصبحت ظاهرة فى الكثير من عمليات الطعن والدهس والتفجير التى جرت فى لندن وباريس وبروكسل ونيس، ومدن ألمانية أو غيرها. والإرهابى الكأمن لايمكن مناقشته عن أبرياء يقتلهم بلا أى ذنب سوى إرضاء من يتحكمون فيه ويفخخونه ويفجرونه.
وفى حال نجاح مثل هذه العملية الانتحارية بمسطرد- لا قدر الله- يمكن أن نتصور حجم التأثير على المجتمع أو الصورة بالخارج. وهو ما ترمى إليه تنظيمات الإرهاب التى تجد نفسها محاصرة وعاجزة أمام التحرك الاستباقى.
ويتوقع أن تواصل أجهزة الأمن والمعلومات جهودها للكشف عن الأطراف التى تقف وراء مثل هذه العمليات الإرهابية بالتخطيط والتمويل، بحثا عن فرقعة تعيد لهذه التنظيمات أى مكانة لدى الجهات والأجهزة التى توجهها، ونعود لنؤكد أهمية التوسع فى توظيف التكنولوجيا والكاميرات فى التحركات الأمنية لتقدم المزيد من الإمكانات التى تسهل عمل أجهزة البحث والمراقبة، حتى يمكن توسيع الإجراءات الوقائية، هذا مع الاعتراف بأن هناك ظهورا واضحا لأجهزة الأمن فى مناطق مفصلية تعمل بشكل احترافى وتساهم فى مواجهة الجريمة والإرهاب بشكل منهجى.
الشاهد أن التنظيمات الإرهابية تحاول استغلال أى ثغرة لتنفيذ عملية تنقذ ماء الوجه، وعلى الأجهزة الأمنية أن تتمسك بخططها الاستباقية وتدعم قدراتها بالتكنولوجيا والمعلومات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة