كريم عبد السلام

أردوغان ينهار متعجرفا

الثلاثاء، 14 أغسطس 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رجب طيب أردوغان، استطاع السير طويلا فى طريق الديماجوجية واللعب بالثلاث ورقات، لخداع شرائح واسعة من الشعب التركى حتى يظل قابضا على السلطة، فهو على خطى رجال التنظيم الدولى للإخوان يعتبر الديموقراطية طريقا ذا اتجاه واحد فقط، حتى إذا أوصله لمقعد الحكم، يتفنن فى الحيل والألاعيب ليظل على المقعد السحرى الذى يدير من خلاله الأمور، حتى لو أدى ذلك للتعاون مع أخطر التنظيمات الإرهابية، أو التحايل على الدستور التركى، أو تغيير النظام البرلمانى للبلاد إلى نظام رئاسى، كلها تسميات لأمر واحد عبر عنه مكيافيلى بشعار «الغاية تبرر الوسيلة».
 
فى سياق خداعه للبسطاء من الشعب التركى المتعطش لاستعادة مجده القديم عندما كانت السلطنة العثمانية تحكم مناطق واسعة من أوروبا والعالم، حاول أردوغان أن يظهر نفسه بأنه أمير المؤمنين ووريث الخلافة العثمانية البائدة، وكذا حامى حمى القدس وسائر المقدسات الإسلامية، هكذا فى الخطابات الرسمية والخطب الجماهيرية، أما فى الكواليس فهو المنبطح وذيل واشنطن الذى ينفذ مشروعها بنشر الفوضى الخلاقة فى البلاد العربية، وعميل تل أبيب الذى يقبل التراب تحت أحذية قادتها ويعلى من شأن التبادل التجارى معها على أى مبدأ أو ثابت.
 
أردوغان تصور أنه قادر دائما على تقديم الشىء ونقيضه والفوز مع كلا الاختيارين، يسقط طائرة لروسيا ويصالحها من خلال صفقات تجارية سرية، يهاجم إسرائيل ويتوعدها بعقوبات بعد منع سفنه من الوصول لغزة، ثم يلحس كلامه ويرتمى فى أحضان نتنياهو، يحتجز قسا أمريكيا فى موقف استعراضى يجعله مناطحا للإدارة الأمريكية أمام مؤيديه، متصورا أن استعراضه يمكن أن يمر مرور الكرام، فالاتهامات التى وجهها للقس الأمريكى أندرو برونسون بدعم الإرهاب لاتصاله بأعضاء من حركة خدمة حلفاء أردوغان السابقين، والحكم عليه بالسجن 21 شهرا مع وضعه تحت الإقامة الجبرية، قابلتها إدارة ترامب بفرض عقوبات فورية على وزيرى العدل والداخلية التركيين، الأمر الذى أدى إلى زيادة معاناة الليرة التركية أمام الدولار، وفقدت فور القرار نحو %3 من قيمتها أمام الدولار، ولم يتعظ الديكتاتور الثمانى ففرض بدوره فى العلن وبحركة استعراضية عقوبات على وزيرى العدل والداخلية الأمريكيين، وقوبل القرار بعاصفة من السخرية فى الأوساط السياسية، لكنه فى السر أرسل الوفود تستجدى واشنطن الجلوس والتباحث حول الأزمة.
 
الوفد التركى الذى أرسله السلطان العثمانى المزيف إلى واشنطن للتفاوض حول إنهاء أزمة القس برونسون، تحطمت آماله على صخرة المناورات التركية، فتركيا أرادت إخراجا للأزمة لا يضع أردوغان فى موقف محرج أمام مؤيديه، لكن ترامب كانت تعليماته واضحة، بضرورة الإفراج الفورى عن القس برونسون، والوفد التركى لا يحمل أى تفويض بالإفراج عن القس الأمريكى، فما كان من ترامب إلا أن ضاعف الرسوم الجمركية على صادرات تركيا من الصلب والألمونيوم لأمريكا، الأمر الذى أدى إلى مزيد من الانهيار للعملة التركية أمام الدولار ودفع وزير التجارة التركى إلى تكرار مناشدته لواشنطن بمراجعة القرار.
 
وبين مناشدة الوزراء الأتراك لواشنطن بأن تكون رحيمة وألا توقع عقوبات جديدة على أنقرة وبين عجرفة السلطان العثمانى المزيف الذى يتصور أنه قادر على ممارسة لعبته الاستعراضية مع ترامب ليبدو أمام أنصاره أنه الزعيم القوى عالميا، تنحدر تركيا إلى هاوية من الفشل، لا يمكن أن ينقذها منها إلا الضرب على أيدى أردوغان ودفعه بعيدا عن المشهد السياسى.
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة