تمر هذه الأيام الذكرى السابعة والثلاثون لرحيل الشاعر الكبير صلاح عبدالصبور، مجرد عام يمر، لكنه لا يترك أثرًا فى بقاء صلاح عبدالصبور بجماله وحزنه، ومفهومه عن الشعر، ومعناه عن الإنسانية، وقصيدته الأجمل «مذكرات الصوفى بشر الحافى» .
«حين فقدنا الرضى/ بما يريد القضا/ لم تنزل الأمطار/ لم تُورِق الأشجار/ لم تلمع الأثمار/ حين فقدنا الرضا»
• • •
«حين فقدنا الضحكا/ تفجرت عيوننا بكا/ حين فقدنا هدأة الجنب/ على فراش الرضا الرحب/ نام على الوسائد/ شيطان بغيض فاسد/ معانقى، شريك مضجعى/ كأنما.. قرونه على يدى»
• • •
«حين فقدنا جوهر اليقين/ تشوّهت أجنة الحبالى فى البطون/ الشعر ينمو فى مغاور العيون/ والذقن معقود على الجبين/ جيل من الشياطين/ جيل من الشياطين/ احرصْ ألا تسمع/ احرصْ ألا تنظر/ احرصْ ألا تلمس/ احرصْ ألا تتكلم/ قف/ وتعلّقْ فى حبل الصمت المبرم/ ينبوع القول عميق/ لكن الكف صغيرة/ من بين الوسطى والسبابة والإبهام/ يتسرب فى الرمل.. كلام»
• • •
ولأنك لا تدرى معنى الألفاظ/ فأنت تناجزنى بالألفاظ/ اللفظ حَجَر/ اللفظ منيّة/ فإذا ركّبت كلامًا فوق كلام/ من بينهما استولدت كلام/ لرأيت الدنيا مولودًا بشعًا/ وتمنيت الموت/ أرجوك/ الصمت/ الصمت!»
• • •
«تظل حقيقة فى القلب توجعه وتضنيه/ ولو جفّت بحار القول لم يُبْحر بها خاطر/ ولم ينشر شراع الظن فوق مياهها ملاح/ وذلك أن ما نلقاه لا نبغيه/ وما نبغيه لا نلقاه/ وهل يرضيك أن أدعوك يا ضيفى لمائدتى/ فلا تلقى سوى جيفة/ تعالى الله، أنت وهبتنا هذا العذاب وهذه الآلام/ لأنك حينما أبصرتنا لم نحلُ فى عينيك/ تعالى الله، هذا الكون موبوء، ولا برْء/ ولو ينصفنا الرحمن عجّل نحونا بالموت/ تعالى الله، هذا الكون لا يصلحه شىء/ فأين الموت؟ أين الموت؟ أين الموت؟؟
• • •
شيخى بسام الدين يقول/ «يا بشر .. اصبرْ/ دنيانا أجمل مما تذكر/ لا تبصر إلا الأنقاض السوداء»
• • •
ونزلنا نحو السوق أنا والشيخ/ كان الإنسان الأفعى يجهد أن يلتفّ على الإنسان الكركى/ فمشى من بينهما الإنسان الثعلب/ عجبًا/ زور الإنسان الكركى فى فم الإنسان الثعلب/ نزل السوقَ الإنسانُ الكلب/ كى يفقأ عين الإنسان الثعلب/ ويدوس دماغ الإنسان الأفعى/ واهتز السوق بخطوات الإنسان الفهد/ قد جاء ليبقر بطن الإنسان الكلب/ ويمصّ نخاع الإنسان الثعلب/ يا شيخى بسام الدين/ قل لى أين الإنسان؟ الإنسان؟/ شيخى بسام الدين يقول/ «اصبر.. سيجىء/ سيهلّ على الدنيا يوماً ركبه/ يا شيخى الطيب/ هل تدرى فى أى الأيام نعيش؟/ هذا اليوم الموبوء هو اليوم الثامن/ من أيام الأسبوع الخامس/ من الشهر الثالث عشر/ الإنسان الإنسان/ عبر/ من أعوام/ ومضى لم يعرفه/ بشر/ حفر الحصباء ونام/ وتغطى.. بالآلام».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة