حتى لا يسرق الإخوان قلبك بمظلوميتهم المزيفة، وحتى لا يسقط عقلك ضحية لطميات اعتصام رابعة السنوية كلما حلت ذكرى الفض، استخدم حقك ولو مرة فى التدبر، وأول خطوات التدبر فى مسألة فض رابعة أن تعكس الصورة.
اعكسها وتأمل ربما تحصن نفسك ضد أكاذيب الجماعة، اعكسها وتخيل أن الإخوان هم أهل الحكم، وأزاحوا رئيسا واعتصم أنصار هذا الرئيس فى ميدان رابعة وتخيل كيف كان الإخوان سيتحركون للتعامل مع هذا الاعتصام وفضه؟، أو لا تتخيل دع الوقائع وتصريحات الإخوان واعترافات قيادات الجماعة تكشف لك عن خطوات السلطة الإخوانية لفض هذا الاعتصام.
يقول الإخوان عن أنفسهم إنهم أهل دين وصدق وحق، ويقولون أيضا إن رؤيتهم السياسية سابقة لعصرها، ويذكون أنفسهم على الله وعلى الناس أجمعين بأنهم أكثر شرفا ونقاء من الآخرين.
قولهم على العين والرأس، وبناء عليه يجوز لى ولك آمنين مطمئنين أن نلجأ لجماعة الإخوان ونرى ما هى الحلول الإخوانية التى اقترحها قيادات الإخوان للتعامل مع اعتصام رابعة والنهضة.
الحل الأول:
حينما كان الإخوان فى الحكم قدم حزب الحرية والعدالة ممثلا فى رأس حربته البرلمانى صبحى صالح مشروع قانون متكامل بخصوص المظاهرات والاعتصامات، وكانت مواد هذا القانون الإخوانى، وتحديدا المادة 11 منه تنص على أن الشرطة لها كل الحق فى فض المظاهرة فى حالة قطع الطريق، سواء بشكل ثابت أو متحرك، ولا يترتب على أى نص من نصوص هذا القانون تقييد ما للشرطة فى الحق فى تفريق كل احتشاد أو تجمهر من شأنه أن يجعل الأمن العام فى خطر.
الحل الثانى:
بالصوت والصورة قدمت قيادات الجماعة حلا عمليا غير قانونى للتعامل مع أى اعتصام ضد السلطة، تذكر ما فعله الإخوان مع معتصمى الاتحادية، وحاول أن تطبقه على نموذج رابعة والنهضة.
كان الإخوان فى السلطة ورئيسهم مرسى فى القصر وبعض من أهل المعارضة اعتصموا أمام الاتحادية، وقبل أن يمر 72 ساعة على الاعتصام بدأت ماكينة الإخوان الإعلامية فى اتهام المعتصمين بأنهم عملاء وخونة ويحصلون على تمويل ويخططون لاقتحام مؤسسات الدولة، ثم حشد مكتب الإرشاد الآلاف من أنصار الجماعة عقب صلاة الفجر وأطلقوهم فى تشكيلات شبه عسكرية لتحطيم خيام المعتصمين وطردهم وضربهم، ثم أسسوا وحدة للتعذيب والخطف بجوار بوابة القصر، ثم أطلقوا عددا من الشائعات الخاصة بأن خيام المعتصمين كان بها تفاح أمريكانى مستورد، وهذا دليل على حصولهم على تمويل أجنبى، وبها زجاجات خمر ومقويات جنسية وخلافه، ثم أطلقوا العنان لشبابهم المسلح أن يقتل من يعترض طريقهم مثلما حدث مع الصحفى المصرى الحسينى أبو ضيف.
الحل الثالث:
اعترافات قيادات الإخوان الموثقة تخبرك بما كان يمكن أن تفعله الجماعة لفض اعتصام رابعة والنهضة لو كان مرسى رئيسا والاعتصام ضده، المتحدث باسم الإخوان محمود غزلان فى فيديو يوثق تصريحاته لبرنامج العاشرة مساء، قال نصا: «لابد أن نمنح السلطة حصانة ضد المساءلة عن أى تعامل أمنى مع المتظاهرين والمعتصمين ضد الدولة، وضحايا الاشتباكات من مصابين وشهداء يمكن تعويضهم عن طريق دفع الدية».
المرشد العام محمد بديع هو الآخر وثق خطة تعامل الإخوان مع الاعتصامات التى تهدد الأمن العام، وتستخدم العنف فى بيان رسمى أصدره أثناء واحدة من المظاهرات ضد برلمان وسياسات الإخوان قال فيه: «هذه المظاهرات ضد ثورة الشعب وأغلبيته الواضحة، وتدعو الجماعة إلى وأد هذه المحاولات بكل قوة ممكنة».
هذه هى الصورة المعكوسة، وهذا ما كان سيفعله الإخوان نظريا وفعليا إذا كان الوضع معكوسًا، وكان اعتصام رابعة هو اعتصام لمعارضين ضد مرسى وجماعته، لذا لا تفتح بابك أمام الجماعة الإرهابية وتسمح لها باستغلال ذكرى فض رابعة لمحاولة كسب تعاطف شعبى، وللسلطة فى مصر المثل من النصيحة، مصر لا تملك بطحة فوق رأسها تسمى رابعة، ولا يجب أن تتحسس الحكومة التعامل معها أو مع التقارير الحقوقية الصادرة بشأنها أو مع فيديوهات الإخوان والجزيرة المفبركة حولها للمد فى عمرها، على الجميع شعبا وحكومة أن يشد عوده ويواجه بشجاعة وقوة كل أكاذيب الإخوان حول رابعة وخطة تحويلها إلى مظلومية.
فى الكتب الشعبية القديمة حكاية تقول إن رجلا كان يعيش فى قرية صغيرة ويربى دجاجًا، وبين الحين والآخر يكتشف أنه تعرض لسرقة دجاجة أو اثنتين، ذهب الرجل إلى شيخ المسجد، واشتكى له قائلا: «أهل القرية عددهم قليل أعرفهم جميعا ولا أستطيع أن أتهم فلانا أو فلانا»، رد الشيخ: «لا تقلق عندى طريقة لكشف السارق».
فى اليوم التالى اجتمع الناس للصلاة، وبدأ الشيخ يتحدث عن الأمانة وجزاء السارق ثم ختم حديثه قائلا: «وتخيلوا من وقاحة السارق أنه يكون جالسًا بيننا وقد نسى إزالة الريش عن رأسه، فقام الفاعل مباشرة بمسح رأسه».
انتهت القصة ولكن لم ينته مغزاها.
المواطن المصرى عبقرى، سمع الحدوتة السابقة وهضمها، وأعاد تقديمها للعالم مرة أخرى فى صورة حكمة شعبية تقول: «اللى على راسه بطحة يحسس عليها»، لتصبح مثلا عميق المعنى نستخدمه كلما أردنا أن نصف صاحب الفعل السيئ حينما يرتبك ويكشف نفسه بنفسه إذا مر أحدهم على ذكر فعلته القبيحة مرور الكرام.
تحتاج الحكومة كما يحتاج الإعلام إلى تبنى أسلوب جديد فى مواجهة أكاذيب الإخوان، أسلوب يعتمد على الرد بالأرقام والدراسات والأبحاث ووجهات النظر المختلفة على كل ماتروجه الجماعة من أكاذيب حول رابعة أو غيرها من تفاصيل ينشرها الإخوان بغرض نشر الفوضى فى مصر.
أدلة فساد ما يروجه الإخوان عن اعتصام رابعة موجودة فى تقاريرهم التى تعتمد على شهادات لجانب واحد، وذلك أمر يضرب أى مصداقية، أدلة فساد ما يروجه الإخوان موجودة فى مئات الفيديوهات، التى تثبت تحول منصة رابعة إلى أداة للتحريض على العنف والفوضى والإرهاب، وعشرات الفيديوهات، التى ترصد وجود ممر آمن رفض المعتصمون فى رابعة استخدامه وأصر بعضهم على العنف ومواجهة قوات الأمن بالرصاص، والعالم أجمع لن يختلف على أن المسلح الذى يطلق ناره على قوات الأمن لايمكن الرد عليه سوى بالمثل، واجهوا الإخوان بأسلوب الإخوان التقرير فى مواجهة تقرير، والرقم يتحدى الرقم والقصص المفبركة لاستدرار العطف، تواجهها قصص صادقة عن رجال شرطة وجيش استشهدوا بسبب عنف الإخوان، لا تتعاملوا وكأن بطحة على رؤوسكم، فلو تكرر أمر رابعة فى أى دولة بالعالم لن تقف مكتوفة الأيدى أمام بؤرة مسلحة تأكل قطعة من أرضها وتحولها إلى منصة تخويف وإرهاب.