سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 أغسطس 1956.. نجاح الإضراب العام فى العراق تأييدا لمصر فى معركة تأميم قناة السويس

الخميس، 16 أغسطس 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 أغسطس 1956.. نجاح الإضراب العام فى العراق تأييدا لمصر فى معركة تأميم قناة السويس الملك فيصل الثانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتخذت الحكومة العراقية وسائلها لإفشال الإضراب الذى دعت إليه النقابات والهيئات الشعبية تأييدا لموقف مصر فى مواجهة التهديدات الغربية بسبب تأميم قناة السويس.. «راجع - ذات يوم 15 أغسطس».
 
كان موعد الإضراب يوم 16 أغسطس «مثل هذا اليوم» عام 1956 بالتزامن مع دعوات أخرى فى لبنان وسوريا والأردن، رفضا لمؤتمر لندن المنعقد فى نفس اليوم «16 أغسطس»، ورفضت مصر حضوره وقراراته، وفى مساء يوم 15 أغسطس مر رجال البوليس على أصحاب الحوانيت بالأسواق والشوارع يحذرونهم من إغلاق حوانيتهم، حسب الدكتور عبدالله فوزى الجناينى فى كتابه «ثورة يوليو والمشرق العربى 1952 - 1956».
 
يؤكد «الجناينى» أن الدعوة للإضراب نجحت على الرغم من كل إجراءات الحكومة العراقية لإفشالها، ويقول: «عم الإضراب كل مرافق مدينة بغداد تأييدا لمصر واحتجاجا على عقد مؤتمر لندن، فأغلق أكثر من 95% من المحال التجارية أبوابه، فيما عدا المقاهى العامة والمطاعم، وفى مساء اليوم ذاته نظمت مظاهرات سلمية ببغداد، هتفت بحياة عبدالناصر ووحدة العرب، فما كان من رجال البوليس إلا أن تصدوا لهم بالقوة، وأطلقوا نيران أعيرتهم على المتظاهرين، وقبضوا على عدد منهم بتهمة التظاهر والإخلال بالأمن العام».
 
كان موقف الحكومة العراقية محل سخط الرأى العام حسبما يذكر «الجناينى»، ويدلل على ذلك بأن «تقدم 4149 شخصا من أبناء الديوانية «إحدى ضواحى بغداد» بعريضة إلى الملك فيصل الثانى، استنكروا فيها سياسة نورى السعيد فى الداخل والخارج، وطالبوا بالانسحاب من حلف بغداد وتقوية روابط العراق بالدول العربية، ودعم موقف مصر بشكل عملى فى قضيتها، ووصفوا تصريحات الحكومة الصادرة بشأن تأييد الموقف المصرى بالسلبية والضعف، وانتقدوا تناول إذاعة بغداد للقضية فأشاروا إلى أن برامجها لم تختلف كثيرا عن محتوى برامج الإذاعات الإنجليزية، واستنكروا إجراءات السلطات العراقية للحيلولة دون الشعب لإظهار شعوره فى نصرة الشعب المصرى، وكان مما ورد بها: «فى الوقت الذى تهب فيه الشعوب العربية وحكوماتها صفا واحدا بوجه الاستعمار للذود عن مصر الحبيبة، لم يتخذ العراق موقفا حازما وصريحا يظهر فيه مساندته الفعالة لمصر ومعاداته للاستعمار، بينما كان الأجدر به كبلد عربى أن يخرج عن العزلة التى فرضها الاستعماريون عليه، ويعلن بوضوح رجوعه للعائلة العربية».. يضيف «الجناينى»: «نشطت الحركات الطلابية، فأصدرت مجموعة منها، أطلقت على نفسها اسم «اتحاد الطلبة العراقى العام» نشرات سرية فى بغداد ضد سياسة نورى السعيد استنكرت من خلالها سياسته إزاء الأزمة المصرية، واعتقال حكومته للمواطنين ومحاكمتهم لتأييدهم مصر، ودعت زملاءها إلى تأييد مصر، وأن يبادروا بالتطوع للدفاع عن قناة السويس».
 
يرصد «الجناينى» تفاعل الطائفة الشيعية مع الحدث، مؤكدا أنها احتفلت به بطريقتها الخاصة، وذلك فى مناسبة ذكرى الأربعين لمقتل الحسين بن على فى 25 سبتمبر 1956، وكانت العادة المتبعة أن تلقى فى هذا الاحتفال الأحاديث الدينية والخطب وأبيات الشعر التى لا تخرج فى مضمونها عن الدائرة الدينية والروحية، وللمرة الأولى يخرج هذا الاحتفال عن المحيط الدينى المعتاد، إذ كان من بين الأحاديث وأبيات الشعر والخطب التى ألقيت ما هو سياسى، حيث أظهر أصحابها تأييدهم القوى لمصر مشيدين بقرار تأميم القناة، كما توجه المجتمعون إلى الله داعين للحكومة المصرية بالنصر، وأن يسدد خطى عبدالناصر الذى أثار سخط الحكومة العراقية فلم تراع قدسية الاحتفال، واعتقلت عددا كبيرا من المحتفلين المؤيدين لمصر.
 
واكبت الصحافة العراقية حدث قرار تأميم القناة وتداعياته الدولية، وفيما اندفعت بالحماس والتأييد لقرار التأميم وعبدالناصر، يؤكد «الجناينى» أنه بعد عودة نورى السعيد من لندن التزمت الصحف جانب الحذر فى تعليقاتها، فاكتفت بنشر أخبار القضية دون التعليق عليها، وأعلن صحفيون عراقيون أن الحكومة طلبت منهم عدم الاندفاع فى تأييد مصر، وأصدرت الحكومة أوامرها للصحف بعدم نشر أى نداءات أو بيانات تدعو إلى التظاهر أو الإضراب بشتى صورهما، وأنذرت بتعطيل أى صحيفة تنشر أى نداء من هذا القبيل أو تشير من قريب أو بعيد إلى أى إضراب أو مظاهرات شعبية لتأييد مصر.. يضيف الجناينى أنه على الرغم من هذه الإجراءات فإن الصحافة العراقية المعارضة استمرت فى نقل الأحداث مؤيدة الموقف المصرى، واحتلت أنباء الإضراب العام فى البلاد العربية احتجاجا على مؤتمر لندن العناوين الرئيسية والصفحات الأولى لها، فكتبت صحيفة «اليقظة» فى 17 أغسطس 1956: «إن العرب أمس كانوا يستنكرون مؤتمر لندن، وينعون الحق والحرية، ويعلنون استعدادهم للدفاع عن عروبة القناة وأرض مصر، ولا غرو فإن أرض وادى النيل جزء من الوطن العربى، وإن أصاب الجزء سوء شعرت باقى الأجزاء بالألم».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة