على خشبة أحد مسارح الإسكندرية يدور "خالد" مع التنورة ذات الألوان المتعددة ويخطف أنظار جميع المشاهدين أمامه ويندمج مع الموسيقى الرقصة والخيوط لدرجة أنه ينسى فى ثوان إعاقته الحركية ويتوحد مع عروس التنورة الماريونيت التى يحركها بين يديه ضمن عرض فرقة "الرواد" للماريونيت بالإسكندرية.. فرقة الماريونت الأولى بأيدى ذوى الاحتياجات الخاصة.
خالد أثناء تحريك عروس راقص التنورة
إلى جانب خالد يقف 10 آخرين ممسكين بعرائسهم تتفاوت أعمارهم بين 11 و26 عامًا وتتفاوت تحدياتهم أيضًا بين الإعاقات الذهنية والحركية والبصرية إلا أن الموسيقى والخيوط تخلق تناغمًا مبهرًا بينهم، فينصتون باهتمام للموسيقى ويحركون العرائس بين يديهم بحركات محسوبة تدربوا عليها مرارًا ليقدموا عرضًا جديدًا يبهر المشاهدين ويمتعهم.
الفريق أثناء تحريك العرائس
فى الكواليس يقف "هشام نصرت" مدربهم ومؤسس الفرقة مع شريكة عمره وشريكة نجاحه أيضًا "بثينة فرغلى" يتابعان باهتمام وتركيز شديد ثمرة عملهم الممتد لأكثر من 20 عامًا مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، والحلم الذى عرف النور للمرة الأولى عام 1998 ثم خبا حتى جاء الوقت المناسب لإيقاظه من جديد.
هشام نصرت مؤسس الفريق يتفقد العرائس
وتحكى "بثينة فرغلى" مصممة عرائس الفرقة والشريكة فى تأسيسها لـ"اليوم السابع": نعتبر الأطفال أبنائنا وليسوا مجرد أطفال نعلمهم ونطور مهاراتهم، وقبل سنوات كان لدينا عرضًا فنيًا هامًا فى الإسكندرية يحضره العديد من الشخصيات الهامة، وكان العرض يتضمن فقرة فرح، ولم أحب أن تخرج ابنتى لترقص على المسرح ففكرت فى إحياء هوايتى القديمة وصممت راقصة ماريونيت لتؤدى الفقرة. وحين عرضت الفقرة انبهر الناس بها وأحبوها جدًا وكان رد الفعل إيجابى جدًا.
بثينة زغلول والعرائس التى صممتها
يلتقطت منها "هشام" خيط الحديث: لم نكرر العرض من وقتها وماتت الفكرة حتى عام 2009 أحببت أن أعيد إحياء الفكرة لأننى أحب أن أشغل الطفل بإمكانياته ليوظفها فى شكل من أشكال الفن.
ميلاد الفكرة من جديد جاء على يد أغنية سمعها الزوجان وأحبا أن يقدماها فى شكل عرض ماريونيت، وتحكى "بثينة": سمعنا أغنية "نام يا جرجاوى نام" وكنا بالشكل التقليدى نجعل الأطفال يمثلون الاستعراضات، ففكرنا أن ننفذها بالعرائس لتكون فكرة جديدة. بدأنا نبحث عندنا فى مركز الحنان للتأهيل الفكرى بالإسكندرية عن الأطفال التى يمكن أن تستخدم العرائس وفعلاً نفذنا العرض بعد الكثير من التدريبات ووجدنا استجابة كبيرة من الأطفال وأصبحت الناس تطلب الفريق بالاسم.
فريق الرواد مع العرائس وجمور
يقول "هشام": نختار الأطفال التى لديها توافق عضلى وسمعى، لا يهم الإعاقة المهم أن نجد هذا التوافق، فهناك أطفال أصحاء ليس لديهم هذا التوافق. وأنا باعتبارى مدرس تربية موسيقية بالمدرسة وكان عندى فريق كورال تمكنت من التقاط المواهب الموجودة فى الأطفال.
عرائس الماريونيت
اختار الزوجان أعضاء الفريق وبتناغم رائع تقسمت المهام فيه، حيث تتولى "بثينة" تصميم العرائس وتعيد إحياء هوايتها القديمة ويتولى "هشام" مهمة التحريك ويضبط ميكانيزم العرائس بحيث تتناسب مع إمكانيات الأطفال ومع متطلبات العرض، ويتشاركان سويًا فى تدريب الأطفال على تحريكها. وتقول بثينة: أنا بكالوريوس تمريض والمشرفة الصحية فى المركز لكن تصميم العرائس هواية قديمة عندى، وهواية أيضًا عند هشام. لذلك نحول البيت أحيانًا إلى ورشة لتصميم العرائس وتحضيرها ويمكن أن نعمل 24 ساعة من أجل شغفنا بالعرائس.
الفريق على خشبة المسرح
استغرقت التدريبات فى البداية عاما كاملا قبل أن يخرج عرضهم الأول للنور فى عام 2010 على مسرح مكتبة الإسكندرية. ويقول "هشام": الأطفال تعلقوا بالعروسة، وأحببنا فكرة الماريونيت لأنها تجعلهم يتفاعلون بشكل أكبر والمشاهدين أيضًا يشعرون أنهم بذلوا مجهودا كبيرا بالتالى يشجعونهم مما يرفع من روحهم المعنوية.
من جانب، آخر يرى "هشام" أن تدريب الأطفال على الماريونيت يساهم فى تطويرهم ويقول: التحكم فى العرائس يساعد على تطوير الطفل فينشط عنده عضلات قد لا يحركها إذا لم يقوم بهذا النشاط، كما تزيد عنده التركيز والانتباه.
بعد 9 سنوات من العمل والتنقل على مختلف مسارح الإسكندرية، تم اعتماد الفريق قبل أيام من وزارة الثقافة بعد تقييمه فى قصر ثقافة الأنفوشى ويقول "هشام": فكرة الفريق الفريدة من نوعها جعلتنا نواجه صعوبة فى تسجيله رسميًا، فكلما نسأل شخصًا لا يعرف تحت أى تصنيف يتم تسجيله ولا طريقة تسجيله، حتى تصادف أن وزارة الثقافة تنفذ دورة فى الإسكندرية وزار الوفد المركز عندنا ورأوا الفريق فسألونا لم لا نسجله ودلونا على كل المطلوب، وبالفعل تم اعتماد الفريق والمدربين فى الفئة أ وهذه سابقة، حيث جرت العادة على أن الفرق المعتمدة لأول مرة تندرج تحت الفئة ب وبعد 6 سنوات يعاد التقييم للتصعيد للفئة أ.
فريق الرواد على خشبة المسرح
تضيف بثينة: بالنسبة لنا اعتمادنا من وزارة الثقافة جدد أملنا فى توسيع مجالنا، نحلم بأن نخرج بالفريق لمهرجانات وعروض خارج مصر ونمثل بلدنا فى المهرجانات وسعادتنا بهذا أكثر من أجل الأولاد لأنهم سيرون جمهورا مختلفا بعدما عرضوا بالفعل فى كل مسارح الإسكندرية.