أكرم القصاص

فى واقعة "الكوفى ران".. على "فيس بوك" تصنع الشهرة واللعنات

الأحد، 19 أغسطس 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قصة فيديوهات فتاة التجمع أو «الكوفى ران» مثالا على ما يجرى فى فيس بوك وعالم التواصل الاجتماعى عموما، فالشخص قد يضمن الفعل أو البوست، لكنه لا يمكن أن يضمن رد الفعل، وحجم ما قد ينتج عنه من ردود عكسية وآثار جانبية، وبقدر ما تكون أدوات التواصل منصات لإثارة القضايا وإتاحة الفرصة لأعمال خيرية وحملات رأى عام مفيدة، بقدر ما قد تتحول إلى ردود فعل عكسية لا يمكن ضمان تأثيراتها، وضربنا أمثلة بنجوم أو أنصاف مشاهير يريدون الشهرة بأى طريقة، فيدخلون إلى أدوات التواصل بحثا عن الشهرة بعضهم يحصل عليها والبعض الآخر لا يحصل إلا على التجريس والسخرية والإفيهات وأحيانا الفضائح.
 
وإذا دخل الواحد إلى عالم التواصل الاجتماعى، واختار أن يكون فاعلا، عليه أن يقبل ما يجرى فى هذا العالم أو يرفضه، لن يستطيع أحد أن يصيغ عالم مواقع التواصل على مزاجه، فسكان العالم الافتراضى ليسوا كيانا متجانسا، بل هم شعوب وقبائل وأفراد وجماعات وفرق وشلل، والعالم الافتراضى انعكاس للعالم الطبيعى مضروب فى تنوع أكبر وشخصيات حقيقية أو مزيفة، تراكيب اجتماعية ونفسية تتجاوز أحيانا العالم الطبيعى، مضافا إليها الحالة التى تمنحها هذه الأدوات وردود الفعل والتفاعلات لبعض الرواد، ناهيك عن أنها تخرج عقدا وأمراضا نفسية واجتماعية ربما لا تكون ظاهرة فى العالم الطبيعى.
 
أدوات تواصل مثل الإعلام، أدوات عرض، يذهب لها النجوم والباحثون عن الشهرة، وهواة الفرجة والزيطة، وينشرون أخبارهم وصورهم. والناس ليست نسخة واحدة، ولهذا تختلف ردود الفعل، ولا أحد يمكنه التحكم فى نتائج ما ينشره أو يعرضه.
 
ولعل قصة الفيديوهات التى رفعتها فتاة فى القاهرة الجديدة لشباب ورجال ضايقوها وتحرشوا بها خير مثال على هذا التنوع. رفعت الفتاة فيديوهين بصفحتها على «فيس بوك»، الأول لرجل يعاكسها، والثانى لشاب دعاها لشرب القهوة من دون سابق معرفة.
 
الفيديوهان حققا نسبة مشاهدة عالية، لكن الثانى كان أكثر حظا، بسبب الطريقة التى تحدث بها الشاب عن القهوة وحقق مئات الآلاف من المشاهدات فى ساعات، وهو ما جعل الفتاة فى تريند المشاهدة والشهرة ومعها الشاب الذى تم توظيف طريقته فى الكلام فى تعليقات وإفيهات وتحول بفضلها إلى «كوفى أون ذا ران».
 
جمهور التواصل انقسم، قطاع هاجم المتحرشين وطريقتهم وتعاطف مع الفتاة ومثيلاتها، وقطاع اتهم الفتاة بأنها تبحث عن الشهرة، والدليل أنها صورت فيديوهين خلال ساعات بهدف الشهرة، وهناك «الزياطين» الذين يقفون مع هذا الفريق مرة ومع الآخر مرة.
 
الأمر أصبح تريند، ونجمة الفيديوهات تحدثت فى برامج التوك الشو التى وجدتها فرصة لإنعاش الحلقات وصنع نقاش متعدد الأطراف يكون ساخنا ومزدحما بالكلام، ولا أحد يطلع منه بنتيجة.
 
القصة مثل «تريندات التواصل» تصاعدت لمدة يومين واتخذت اتجاهات أخرى وظل الجمهور منقسما بين مهاجم للشاب ومنتقد للفتاة، التى عبرت عن ضيقها فى فيديو آخر هاجمت فيه منتقديها، مؤكدة أنها تعرضت للتحرش مثل الكثير من الفتيات والسيدات العاملات، وقالت إنها لا تسعى للشهرة، ولكنها تريد فضح المتحرشين واتهمت منتقديها بالتفاهة.
 
مع الوقت تراجع الاهتمام واحتل الإفيه مكانه «كوفى أون ذا ران»، وظهر الشاب فى فيديو على صفحته بفيس بوك، يدافع فيه عن نفسه ويؤكد أنه ليس متحرشا، وأنه تعرض لاتهامات باطلة، وحرم من النوم وكرر اتهامه للفتاة بأنها تريد الشهرة على حسابه.
 
القصة لم تنته لكنها تصلح نموذجا لما يجرى فى عالم التواصل، حيث لا توجد قوانين، ولا يمكن تصور اتجاهات الأحداث وتقلبات ردود الفعل التى تصنع الشهرة ومعها اللعنات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة