عالم الطب والعلاج فى مصر بحاجة إلى إعادة بناء للمنظومة، ونحن نستعد لتطبيق التأمين الصحى الشامل، الذى تأخر لعقود طويلة. وحتى نضمن نجاحه من المهم إعادة بناء المنظومة الصحية بعناصرها البشرية والفنية حتى تكون قادرة على تقديم الخدمة لملايين المواطنين.
بجانب التمويل والتجهيزات الطبية، فإن العنصر البشرى من أطباء وتمريض وفنيين يمثل العمود الفقرى لنجاح هذه المنظومة، وتلافى العيوب القائمة فى الوضع الحالى، الذى يقوم على تراكمات ويعانى من الترهل والتفكك وغياب التواصل وقواعد المعلومات.
هناك حاجة لطرح هذه الأفكار للمناقشة، والاستماع إلى الأطراف المختلفة من أطباء وتمريض، والذين يمكنهم تقديم أفكار بناء على واقع الممارسة العملية. مع أهمية تطبيق قواعد المعلومات والربط بين المستشفيات والوحدات الطبية فى كل المناطق والمحافظات. لأن الربط هو أساس توفير المرونة والتواصل بين المنشآت الطبية والمراكز المعاونة والمعامل والصيدليات.
الخدمة الطبية منظومة كاملة لها عناصر متعددة، ويمثل العنصر البشرى من أطباء وتمريض وفنيين العامل الأكثر أهمية لنجاح المنظومة الطبية، ولايقل العنصر البشرى أهمية عن الأجهزة والأدوات والإمكانات والأدوية، لأن العنصر البشرى هو الذى يضمن تشغيل الأجهزة والاستفادة من الإمكانيات.
هناك فوارق واسعة بين كبار وشباب الأطباء تحتاج إلى نظرة، خاصة أن مهنة الطبيب لاتتوقف فيها الدراسة والتدريب المستمر لاستيعاب كل ماهو جديد يوميًا، ولايمكن التعامل مع الطبيب على أنه مجرد موظف، بل يفترض أن يتم النظر له وتوفير الإمكانيات المادية والعلمية التى تمكنه من أداء عمله ومواصلة دراسته فى نفس الوقت.
ومن عيوب المنظومة الحالية أن هناك فوارق واسعة بين الأطباء، حيث يعانى شباب الأطباء من الدخل المنخفض ويعجز أغلبهم عن مواصلة دراسته مع عمله ويضطر للاختيار بينهما فيقع فى حالة من التشتت تمنعه من القيام بعمله بشكل مناسب. أو يضطر إلى الارتباط بأعمال فى أكثر من مكان لتدبير الحد الأدنى لحياته، وبالتالى يفقد التركيز والخاسر هنا هو المريض. وهو ما يتعلق بأهمية توفير دخل مناسب للطبيب وتوفير بدل مناسب للعيادة، أو العمل الخارجى، مثلما كان متاحا فى الماضى، وفى حالة حصول الطبيب المتفرغ على عائد مناسب فإن ذلك ينعكس على عمله وتدريباته، وبالتالى فالمريض هو المستفيد.
كما يعانى شباب الأطباء فى المستشفيات العامة والمركزية والوحدات الصحية من نقص الإمكانات والأجهزة التى تمكنهم من التشخيص والعلاج للمرضى، ويضطرون لتحويلهم إلى مستشفيات أعلى، الأمر الذى يضاعف من الضغط على مستشفيات المدن، بينما يمكن فى حال توفير الإمكانات أن تقدم الوحدات الصحية المركزية والعامة خدمة طبية مناسبة.
ومن خلال مناقشات مع عدد من الأطباء يتضح أن أحوال الأطباء المادية والعلمية تشغل مساحة مهمة فى بناء المنظومة الطبية، وإذا كنا نتحدث عن أهمية التفرغ، فإن هذا محكوم بتوفير مقابل عادل ومناسب يضمن للطبيب العمل بعيدًا عن الضغوط. ولا مانع من طرح هذه الأفكار للمناقشة مع أصحاب الشأن. حتى يمكن ضمان نجاح المنظومة الطبية.