واصل الأقباط توافدهم على دير السيدة العذراء "دير درنكة" بجبل أسيوط الغربى، للاحتفال بصيام "السيدة العذراء"، وتعميد أطفالهم داخل الدير لنيل البركة، وتيمنًا بتعميد المسيح فى نهر الأردن؛ إذ تعد المعمودية أحد الأسرار المقدسة في الكنيسة الأرثوذكسية ويمثل دخول الطفل رسميًا فى الحياة المسيحية.
وبداخل إحدى مغارات دير السيدة العذراء بدرنكه بأسيوط، توجد كنيسة المعمودية، إذ يقف بداخلها قساوسة فى صحن المغارة وأمامهم 3 أجران للمعمودية وهو وعاء مصنوع من الرخام يتم ملئه بالماء ويضع به قليل من زيت "الميرون"، وأمامهم جلس الآباء والأمهات يحملن أطفالهم فى انتظار دورهم فى التعميد.
يقف ثلاثة قساوسة يرتدون "مريلة" جلدية وضعوها فوق جلبابهم الكهنوتى الأسود، لكى يتجنبوا أثر الماء.. لحظات وتقوم الأمهات بخلع الملابس عن أطفالهم ثم يحملهن على أيديهن اليسرى ناظرين ناحية الغرب ورافعين أيديهن اليمنى؛ مرددين وراء الأب الكاهن عبارات جحد الشيطان: "أجحدك أيها الشيطان وكل أعمالك النجسة، وكل جنودك الشريرة وكل شياطينك الرديئة وكل قوتك وكل عبادتك المرذولة وكل حيلك الرديئة والمضلة وكل جيشك وكل سلطانك وكل بقية نفاقك أجحدك. أجحدك. أجحدك".. ثم يقوم الأب الكاهن بالنفخ فى وجه الطفل 3 مرات وهو يقول: اخرج أيها الروح النجسة.
بعدها تنظر الأم إلى ناحية الشرق وطفلها على يدها اليسرى ويدها اليمنى مرفوعة إلى أعلى وتردد خلف الكاهن:"اعترف لك أيها المسيح إلهى وبكل نواميسك المخلصة وكل خدمتك المحيية وكل أعمالك المعطية الحياة،.. ثم يسألها الكاهن ثلاث مرات قائلا "هل آمنت على هذا الطفل؟" فتجاوب ثلاث مرات: "آمنت".
ثم يقوم الأب الكاهن بالإمساك بالطفل من تحت إبطيه ووجه إلى الغرب، ثم ينزله إلى الماء ويغطسه ثلاث مرات وفى كل مرة يصعده من الماء وينفخ فى وجهه، بعدها يتم تسليم الطفل إلى أمه وتبدأ فى إزالة الماء من على جسد طفلها استعدادًا لدهنه بزيت الميرون، بعدها يرتدى الطفل الذكر زى يشبه زى الكهنوت وهو تونيا بيضاء اللون وعليها السترة المزينة بالصلبان، وفوقها حلة الأسقف الكهنوتية، وعلى الرأس تاج البابا البطريرك، أما الطفل "الفتاة" فترتدى فستان صغيرًا أبيض اللون، وعلى رأسها يوضع تاجا من الورد؛ بعدها تطلق الأمهات الزغاريد ابتهاجا بتعميد أبنائهن.
ويتوافد آلاف الزائرين على مدار أسبوعين من شهر أغسطس من كل عام، للمشاركة فى الاحتفال بمولد العذراء بديرها بجبل درنكة فى أسيوط، وإحياء ذكرى لجوء العائلة المقدسة لمصر للاختفاء من بطش الملك هِيرودُس الذى كان يسعى لقتل السيد المسيح بفلسطين؛ وكما يحرص المشاركون على أداء الصلوات والاستمتاع بالخلوات الروحية، بالقرب من المغارة التى احتمت بداخلها العائلة المقدسة أثناء فترة تواجدها بالجبل، إذ يعد أقدس الأماكن داخل الدير التى نالت بركة العائلة المقدسة.
كما تعد زفة أيقونات السيدة مريم العذراء والمسيح عيسى عليه السلام من أهم المراسم التى يحرص عليها آلاف الأقباط فى صيام العذراء، إذ يظهر القساوسة والرهبان خلف الأيقونات مباشرة مصطفين فى صفين، ويأتى من خلفهم الشمامسة، وتعلوا أصواتهم بالترانيم والتسابيح، كما يتواجد بداخل موكب"الدورة" نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط يشير إلى شعب الكنيسة بالبركة والمحبة والسلام.
ووفر مسئولو دير السيدة العذراء بجبل درنكة فى أسيوط، سيارات خاصة لنقل الزائرين داخل الدير وتركيب مصعد جديد للتسهيل على كبار السن الصعود إلى أعلى الجبل حتى كنيسة المغارة بالدير.
وأعلنت الأجهزة الأمنية والتنفيذية بمحافظة أسيوط، رفع درجة الاستعدادات القصوى، خلال احتفالات صوم "السيدة العذراء" بدير درنكة، وفرضت مديرية أمن أسيوط، إجراءات أمنية مشددة لتأمين ديرالسيدة العذراء بجبل درنكة بأسيوط، ووضعت بوابة إلكترونية على البوابة الرئيسية للكشف عن الأسلحة والمعادن، ومنعت وقوف السيارات.
وتعود أهمية دير السيدة العذراء بجبل درنكة فى أسيوط، إلى مجىء العائلة المقدسة لأسيوط، حيث قدمت السيدة مريم العذراء وسيدنا عيسى عليه السلام وهو طفل صغير وبصحبة القديس يوسف النجار، بعد أن تركت العائلة المقدسة فلسطين وطنها واتجهت نحو البلاد المصرية، ومنها إلى صعيد مصر حتى مدينة أسيوط، ثم إلى جبلها الغربى، حيث المغارة المعروفة التى حلت بها العائلة المقدسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة