تبدو الحالة الطالبانية فى أفغانستان أكبر من صورتها المعتادة لمتطرفين حملوا السلاح لطرد المحتل، هذه الجماعة الآن تمثل النموذج الذى كانت تحلم به جماعات الإسلام السياسى التى اقتربت من السلطة وتم إقصاؤها فى زحام الصراعات على السلطة، وعمَّق الرفض الشعبى جراحها فأصبحت منبوذة لا تملك سوى البكاء على عروش لم تستمتع بها، طالبان تتحدث اليوم بالوجهين معًا: فى الميدان بمهاجمة المدن وحافلات الركاب وقتل العسكريين والمدنيين معًا بدعوة مقاومة «الاحتلال»، ثم يخرج ممثلها فى الدوحة يحدد «شروط» لإقرار السلام، ويطلب صراحةً محادثات مباشرة مع واشنطن، عمومًا التاريخ يروى أمثلة كثيرة عن جماعات صنعها المحتلون ثم حاربوها وحاوروها فى آن واحد، وهكذا صارت طالبان نموذجًا للجماعات المتطلعة للسلطة، لكن أفغانستان نفسها أيضًا أصبحت نموذجًا يستحق التأمل للدول حينما تنمو فيها مثل هذه الجماعات.