أتابع عن كثب ما يجرى فى الفضاء الإلكترونى، منذ أكثر من عشرة سنوات، ولاحظت أن الاستهلاك الانسانى للفيس مثلا قد جعل منة معيارا للتحقق أوالإنحراف، حتى فى أوساط المتصوفة والرهبان والزاهدين، حتى وصل الأمر الى أن البابا تواضروس الثانى قد أصدر قرارا إلى الرهبان بضرورة إغلاق صفحاتهم على الفيس وكان البابا أول من أغلق صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك)، وقال البابا فى تدوينته الأخيرة عبر صفحته الرسمية على (فيس بوك) : الوقت أثمن عطية يعطيها الله لنا يوميا ويجب أن نحسن استخدامها والمسيحى يجب أن يقدس وقته والراهب يترك كل شيء لتصير الحياة كلها مقدسة للرب" ، وأضاف أن "ضياع الوقت فى الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعى صارت مضيعة للعمر والحياة والنقاوة" ، وتابع: "لأن الطاعة من نذورى الرهبانية التى يجب أن أصونها وأحفظها لذا أتوقف عن صفحة ( فيس بوك ) الخاصة بى وأغلقها، وأحيى كل أخوتى وأبنائى الذين نهجو طاعة لقرارات كنيستى المقدسة" .
جاءت تلك القرارات الحاسمة عبر اجتماع للجنة شئون الرهبنة ، و بحضور الأنبا دانيال السكرتير العام للمجمع المقدس و 19 من الأباء المطارنة والأساقفة رؤساء الأديرة وأعضاء اللجنة فى جلسة خاصة لمناقشة انضباط الحياة الرهبانية والديرية ، ومنها : منع الظهور الإعلامى للرهبان ، بأى صورة ولأى سبب وبأى وسيلة، وإعطاء الرهبان فرصة لمدة شهر لغلق أى صفحات أو حسابات على وسائل التواصل الاجتماعى والتخلى الطوعى عن هذه السلوكيات والتصرفات التى لاتليق بالحياة الرهبانية وقبل إتخاذ الإجراءات الكنسية معهم .
لا اناقش صحة قرارات البابا تواضروس الثانى ، ولا أعترض عليها ، ولكن الامر يحتاج حوارا حول:
هل أن خطر الاعلام المرئى والمسموع والمكتوب ، وايضا الاعلام الالكترونى واعلام التواصل الاجتماعى ، قد استخدمه (الشيطان) داخل الاديرة ؟!! ام ان مفهوم العزلة لم يعد حقيقيا فى ظل ثورة الاتصالات ؟ ، او ان الاعلام لم يعد يخدم التجرد ؟
لان الاعلام كان موجودا طوال القرن التاسع عشر والقرن العشرين ، بل ان الكنيسة كانت سباقة فى ادخال المطبعة وسمى البابا الذى ادخل المطبعة أبو الاصلاح ، ووصل الامر ان البابا شنودة الثالث كان صحفيا وكاتبا وعضو نقابة صحفيين ، ورئيس تحرير صحيفة الكرازة ؟
اسئلة تحتاج إلى حوار ليس حول القرارات بقدر ما تحتاج حوارا حول الاعلام والتجرد .