أحب الفنان العالمى دانيال دى لويس، الذى اعتزل الفن مؤخرًا عند بلوغه الستين من عمره، فهو واحد من الموهوبين فى الأرض، وأنا دائما ما أحرص على مشاهدة أعماله، هو لم يقدم الكثير من حيث العدد لكنه قدم الكثير من حيث الإبداع والقيمة الفنية، ويكفيه أنه الممثل الوحيد حتى الآن الذى حصل على ثلاث جوائز أوسكار أفضل ممثل.
لكننى طوال الوقت أكتشف أن هناك أعمالا لدانيال دى لويس لم أشاهدها من قبل، ومن ذلك أننى كنت أعرف اسم فيلم «In the Name of the Father»، وأعرف هيئة دانيال دى لويس فيه، لكننى لم أشاهده سوى منذ أيام قليلة، وهو فيلم أنتج فى سنة 1993 من بطولته مع إيما تومسون وإخراج جيم شيريدان.
والشخصية التى يقدمها دانيال دى لويس هى شخصية جيرى كونلون، مواطن أيرلندى أدين، وهو برىء، بالمشاركة مع الجيش الجمهورى الأيرلندى فى التفجير الذى أودى بحياة خمسة أشخاص فى مدينة جيلفورد، وحكم عليه، ومعه بعض أصدقائه ومعارفه بالسجن، كان نصيبه هو باعتباره قائد المجموعة السجن مدى الحياة، ولأن والده جاء للوقوف بجانبه والبحث عن محامى له، تم اتهامه أيضًا، ومات فى السجن.
المعضلة ليست هنا، فمن الطبيعى دائمًا أن نشاهد ونسمع حكايات أبرياء مظلومين، لم يفعلوا شيئا لكنهم يدفعون حياتهم ثمنا لأخطاء الآخرين، لكن الجديد هنا أمران، الأول أن المحققين الإنجليز فى القضية كانوا يريدون من يحملونه القضية ويقدمونه ضحية أمام الشعب الإنجليزى الغاضب من هذه التفجيرات المخيفة، وفى مقابل ذلك أخفوا ما يؤكد براءة المتهمين الذين قضوا فى السجون خمسة عشر عاما، ولولا محامية إنجليزية ظلت نحو 10 سنوات تتبنى قضيتهم كانوا سيتعفنون جميعا فى هذه السجون، وهو أمر كنت من قبل أظن أنه لا يحدث فى الغرب.
الأمر الثانى، وهو الأخطر من وجهة نظرى، أنه بعدما استطاعت المحامية أن تحول الأمر إلى قضية رأى عام، ويتعاطف البعض معهم ويخرجون فى مظاهرات مطالبين بإخراجهم من السجن أو إعادة محاكمتهم، خاصة بعد ظهور أدلة جديدة فى صالحهم، وهى الأدلة التى كانت معروفة منذ البداية لكن المحققين أخفوها بتعمد، وفى المحاكمة الثانية تمت تبرئتهم، وأسقطت التهم على الجميع رغم أن بعضهم كان قد قضى الأحكام كاملة، أقول إن أخطر ما فى الأمر، أنه لم يتم محاسبة المحققين الذين ارتكبوا هذه الكوارث ضد القضاء الإنجليزى قبل هؤلاء الأبرياء، ولم يدفعوا ثمن خطأهم الفادح المقصود ولم توجه إليهم أى تهمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة