هناك اتفاق على أن وضع قاعدة بيانات ومعلومات فاعلة، فضلًا عن أنه يسهل حياة الناس وتعاملاتهم، فهو يسهم فى خفض الفساد بنسبة تتجاوز النصف وربما أكثر، وبالرقابة وتوزيع السلطات الإدارية يمكن القضاء على نسبة أخرى من الفساد.
فى مؤتمر الشباب الأخير، طالب الرئيس بسرعة إنجاز قاعدة المعلومات، وأبدى دهشة من أنها تحتاج أربع سنوات فى محافظة واحدة، والأمر بالفعل يحتاج إلى سرعة، وهناك إمكانية لمضاعفة الوقت والجهد لإنجاز قاعدة معلومات ضرورية.
ومع أن هذه الأمور تبدو من البديهيات، فقد تأخرنا كثيرًا فى وضع قواعد البيانات، ولا نعرف لماذا تأخرنا كل هذه السنوات لنضع قاعدة معلومات حقيقية، بالرغم من أن عناصرها متوفرة فى الرقم القومى، وفى التعداد، وكل جنيه ننفقه لإنشاء قاعدة المعلومات يعود علينا عشرات.. منذ عقود نسمع ونقرأ كثيرًا عن التطوير الإدارى والربط المعلوماتى من دون نتيجة.
ولا تتعلق قاعدة المعلومات بوزارة واحدة، لكنها ترتبط مع كل الجهات، والربط المعلوماتى يخفض من الفساد الوظيفى، وأيضًا ينهى تقريبًا التلاعب والتزوير فى التموين أو الدعم أو التكافل والمحليات.. نحن بحاجة إلى جهاز تمثل فيه كل الهيئات والقطاعات، وبعد ذلك يأتى الدور الفنى، ولدينا شباب مؤهلون يمكنهم القيام بهذا الدور من خلال برامج وتطبيقات متوفرة، ويمكن تخفيض اللزمن الذى يتم فيه إنجاز قاعدة البيانات من خلال مضاعفة أعداد من يعملون فيها ومضاعفة الوقت، وربما يمكن الرجوع إلى مشرعات كانت قائمة وقطعت فيها الجهات المعلوماتية شوطًا، ونقصد ما أطلق عليه الحكومة الإلكترونية، والذى بدأ فى بداية الألفية، وبالتزامن معه الإصلاح الإدارى.
ولا مفر من الإسراع فى إقامة قاعدة معلومات واسعة تتضمن كل المعلومات عن الأشخاص والأسر والأفراد، يمكن أن توفر الكثير من الجهد، وأسهم فى تقليص الفساد أولًا، لأنها تقلل التعامل بين المواطنين والموظفين، ثم إن بطاقة واحدة يمكن أن تتضمن كل بيانات المواطن، بدءًا من التطعيمات التى حصل عليه فى طفولته، وصولًا إلى ما يستحقه أو لا يستحقه من دعم، والتأمين الصحى، والعلاج، والحالة الصحية، وهى بيانات متاحة فى دول كثيرة تبذل جهدًا فى تجديد وتطوير قواعد البيانات بالشكل الذى يسهل التعامل فى كل شىء.
ويمكن أن يسهم الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى هذه القاعدة بما لديه من إمكانيات وبيانات وأدوات للرصد وجمع المعلومات، ويمكن أن يقدم الكثير لقاعدة المعلومات التى تتيح التعامل مع المتغيرات، لأن تصريحات بعض المسؤولين عن تحديد أربع سنوات لبناء قاعدة معلومات فى بورسعيد وحدها يبدو وقتًا طويلًا جدًا، ويجعل وضع قاعدة للمصريين أمرًا يحتاج عشرات السنين، بينما لدينا بالفعل بيانات متوفرة وقاعدة بيانات الرقم القومى يمكن العمل على نسخ منها وتحديثها من خلال استكمال باقى البيانات.
ويبدو غريبًا أن يتحدث بعض المسؤولين عن استحالة تقديم قاعدة معلومات فى سنة واحدة، بينما الطبيعى أنه يمكن التشغيل على ورديتين واختيار موظفين بشكل مؤقت يمكن أن يمثلوا إضافة للعمل ويقللوا الزمن.
الأمر بحاجة إلى إرادة وسرعة وتمويل، وحتى لو تكلف الأمر مليار جنيه، فإن هذا المليار سيوفر عشرات وربما مئات المليارات على الدولة، تضيع فى الفساد والإهدار.