حتى نتوصل إلى حلول جذرية لمشكلة تكدس القمامة فى الشوارع، واستسهال المواطنين إلقاء مخلفاتهم خارج الصناديق المخصصة لذلك، لابد من تبنى مشروع شامل لإعادة تدوير القمامة يقوم على استفادة جميع عناصر المجتمع، بمعنى آخر لابد من إشعار المواطن العادى، ربة المنزل تحديدا، أنها يمكن أن تستفيد ماليا من خلال فصل المخلفات من المنبع، أى فى بيتها، وتوريد المخلفات البلاستيكية والمعدنية والكرتونية إلى المنافذ المخصصة لشراء هذه المخلفات بهدف إعادة تدويرها.
توجه ربات المنازل إلى فصل القمامة من المنبع لتحقيق مكسب مالى ولو بسيط، يحقق مجموعة كبيرة من الفوائد، أولها تقليل نسبة القمامة فى الشوارع بصورة كبيرة وحماية المواطنين من الأخطار البيئية والصحية الناتجة عن حرق البلاستيك الموجود بالقمامة، وتوقف دور النباشين الذين يبعثرون صناديق القمامة للحصول على ما فيها من مخلفات صلبة دون الاهتمام بالمواد العضوية.
تشجيع المواطنين على فصل القمامة من المنبع، يقتضى التوسع فى إنشاء مصانع تدوير القمامة، وكذا منافذ استقبال المخلفات الصلبة فى القاهرة والمحافظات، المصانع الكبيرة تقيمها الحكومة أو القطاع الخاص بالتفاهم مع الحكومة وفق تسهيلات واشتراطات محددة، والمصانع الصغيرة تقوم على إنشائها منظمات المجتمع المدنى والبنوك من خلال تبنى خطة شاملة لتشغيل الشباب مع تقديم قروض ميسرة جدا لبدء المشروع ومد فترة السماح الخاص به لست أو سبع سنوات.
يترافق مع هذا التوجه حملة واسعة للتوعية بأهمية فصل القمامة من المنبع وبيع المخلفات الصلبة لأكشاك أو منافذ الاستقبال المنتشرة فى الأحياء، وكيف يمكن لربة المنزل التى لا تعمل أن تحقق دخلا من مجرد النظر فى مخلفات منزلها وإعادة تقييمها، فتفصل الزجاجات البلاستيكية والأوراق وعلب الكانز بعيدا عن المخلفات العضوية وبقايا الطعام، فتستفيد ماليا وتفيد المجتمع صحيا وبيئيا وجماليا.
عندما نعيد بناء وعى المواطنين بضرورة الاستفادة ماديا من مخلفاتهم ونوضح للشباب المزايا العديدة لبدء مشروعهم الصغير فى مجال تدوير القمامة لصناعة الأدوات البلاستيكية والمنتجات الورقية، سنحصل فورا على مدن نظيفة إلى حد كبير وسنعرف الفارق بين ما كنا عليه من فوضى وعشوائية وتلوث وجهل وبين ما أصبحنا عليه من تحضر ونظافة ومناخ بيئى وصحى، كما يمكننا ساعتها حساب عدد الأفراد الذين دخلوا سوق العمل ونسبة نمو معدلات دخلهم، أى أننا سنعدد المكاسب الاقتصادية والبيئية والصحية التى عادت على المجتمع، كما سنحسب ما تم توفيره من أموال مخصصة لشركات النظافة والرعاية الصحية ومواجهة التلوث.
نحتاج أولا إلى الإدراك والفهم العام أن القمامة أصبحت سلعة فى كل دول العالم، وأن هناك من يصنف ويشترى هذه المخلفات لإعادة تصنيعها، وأننا لا يجب أن نهدر ما يمكن أن يعود علينا بالمكاسب، وأن نوجد لأنفسنا مجالات للعمل والتربح، خاصة وأن صناعة تدوير القمامة من الصناعات كثيفة العمالة والتى يمكن أن تنشأ عنها صناعات صغيرة ومتوسطة، من صناعة الزجاج والسيراميك إلى الألمونيوم والمصنوعات النحاسية والأقمشة والبلاستيك، كما يمكن أن تسهم إعادة تدوير المخلفات الزراعية فى صناعات حيوية مثل الأسمدة العضوية والفحم النباتى والأعلاف والأخشاب، وهذا القطاع من الصناعات القائمة على إعادة تدوير القمامة والمخلفات يمكن أن يوفر أكثر من ثلاثة ملايين فرصة عمل جديدة.
وللحديث بقية
#شوارعنا نظيفة وهواؤنا نقى