اعتدنا خلال السنوات الماضية أن نجد على مواقع التواصل الاجتماعى تعليقات وشكاوى عن الحر الشديد، وكأننا نتعرف على الصيف لأول مرة، المفارقة أننا هذا العام نعيش واحدا من أكثر فصول الصيف حرارة، ومع هذا فإن «الحالة السوشيالية» تراجعت. وقد جرت العادة أن نقول «الدنيا حر»، وهو ما ينطبق على العالم كله الذى يشهد موجات حارة امتدت إلى أوروبا التى تشهد منذ سنوات تهديدات حارة.
لقد غير الارتفاع المتصاعد للحرارة، مع الرطوبة من الصيغ المحفوظة للطقس فى مصر فى كتب الجغرافيا «حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاءً»، من الثمانينيات تراجعت نسب المطر شتاءً، وتصاعدت الرطوبة صيفًا مع التسعينيات ضمن تغيرات مناخية تجتاح العالم، ويفسرها العلماء بأنها نتيجة طبيعية للاحتباس الحرارى وتآكل الغلاف الجوى حول الأرض فيما شاع لفترة باسم «ثقب الأوزون».
الموجة الحارة لم تتركز كالعادة فى أفريقيا أو آسيا، حيث تعرف الصيف الحار، لكنها ضربت دول أوروبا، وخلال شهر يوليو وحتى سقط 33 قتيلا من الحر فى كندا وعشرات فى اليابان وبعض دول أوروبا، بعد أن قاربت الحرارة أربعين درجة.
واندلعت حرائق فى غابات السويد البلد المشهور بالبرودة والثلوج والذى اضطر لطلب مساعدات دولية استجابت لها النرويج وإيطاليا. وفى ولاية كاليفورنيا الأمريكية أدى ارتفاع معدلات استخدام مكيفات الهواء إلى قصور فى الطاقة الكهربائية.
وحسب ما نقلته الجارديان البريطانية عن علماء الطقس، فإن تأثير الموجة الحارة الحالية يصل إلى قطاعات واسعة من كوكب الأرض، ويجعل القلق عالميا وليس محليا.
يشير كثير من العلماء إلى أن السبب وراء هذه الموجة الحارة يرجع إلى عدة عوامل، أبرزها الاحتباس الحرارى، ونشرت الجارديان البريطانية نقلا عن الدكتور تيم أوسبورن، مدير وحدة أبحاث المناخ بجامعة شرق أنجليا، «منذ عام 1976 شهدنا عدة عقود من الاحتباس الحرارى، الناتج عن ارتفاع انبعاثات الكربون، والتى أدت بدورها لارتفاع درجة الحرارة العالمية بشكل كبير». ويحذر علماء من أنه مع تزايد انبعاثات الكربون، سوف تتزايد الموجات الحارة لتصبح أسوأ وأكثر حدوثا على الأرجح.
لكن علماء آخرون منهم دان ميتشل من جامعة بريستول، يرون «أن التغير المناخى يلعب دورًا فى الموجات الحارة لكن هناك مؤثرات أخرى، مثل درجة حرارة سطح البحر فى شمال المحيط الأطلسى، وأيضا ما يسميه العلماء «التيار النفاث بارتفاع خمسة إلى سبعة أميال عن سطح الأرض، الذى يضرب من الغرب إلى الشرق، ويوجه الطقس حول العالم».
منذ الثمانينيات وهناك تحذيرات أطلقها علماء المناخ، ومؤتمرات المناخ، أن انبعاثات ثانى أكسيد الكربون واستمرار تدمير الإنسان للغابات والتجارب النووية والتفجيرات الصاروخية والحروب، أدت إلى تحولات مناخية قاسية، وارتفاع فى درجات حرارة الأرض وانصهار الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبى، مما يرفع المياه فى المحيطات والبحار ويهدد بغرق أجزاء من اليابسة».
وأصبحت الموجات الحارة تضرب أوروبا وتنقلها إلى حرارة غير مسبوقة، بينما الدول الأوروبية غير جاهزة للحرارة، وربما تتطلب فى حالة استمرار هذه التحولات المناخية تغييرا فى أنظمة التكييف والتهوية، فهى على العكس من الدول الحارة لاتعرف التكييف البارد أو المراوح بينما تعرف التركيز على التدفئة فى مواسم البرد. ويمكننا القول إن الدنيا حر فعلا وليس مجازا مثلما كان فى الماضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة