لا أريد أن أدين أحدًا، لكننى أريد أن أفكر بصوت عال، لماذا لا نتواجد فى معارض الكتب الدولية بالشكل الذى نستحقه؟ ربما متابعتى لمشاركة الشارقة فى معرض ساو باولو البرازيلى المقام حاليا، والشكل الجيد الذى تظهر به هناك، هو ما يدفعنى إلى التساؤل عن الخطوات الضرورية للتواجد فى مثل هذه الأماكن التى تحمل ثقافات مختلفة وأناس مختلفين.
لا أعرف بالتحديد ما الذى يعرفه عنا أهل بلاد أمريكا اللاتينية، هل لايزالون يظنون أننا «فراعنة» نرتدى ملابس ملونة ونضع الكحل فى أعيننا ونبنى التماثيل ونضحك، أم هل يروننا غاضبين مقطبى الجبين نسب ونلعن طوال الوقت، أم أنهم يروننا نركب جمالا ونسير فى صحراء لا تنتهى بحثا عن بئر ماء أو حفرة بترول، أم أنهم لا يعرفوننا أصلا؟
فى معرض القاهرة الدولى للكتاب الماضى، أجرى الزميل بلال رمضان حوارا مع كاتبة أرجنتينية تدعى كلاوديا بينيرو، وعندما سألها «بلال»: ما أبزر الأسماء الأدبية المصرية أو العربية التى يقرأ لها الأرجنتينون؟ قالت «كلاوديا»: فى الحقيقة يؤسفنى القول إننى لم أقرأ عملا أدبيا مصريا أو عربيا، وهذا خارج عن إرادتى، وعن إرادة أى مواطن أرجنتينى، لأن الأمر يتعلق بالترجمة، فوصول الأعمال المترجمة لدينا فى الأرجنتين أمر صعب، بسبب عامل المسافة، ولكى تحصل على كتاب مترجم، فعليك أن تذهب إلى إسبانيا لتقوم بشراء ما تريد، لأن دور النشر التى تقوم بترجمة الأعمال الأدبية المصرية أو العربية موجودة فى إسبانيا، وهو ما يعنى أننا نعانى من أجل الاطلاع على آدابكم، ومن النادر جدا أن تجد كتابا لأى أديب مصرى مترجم فى الأرجنتين، ولكن هذا لا يعنى أن الأرجنتين أو أمريكا اللاتينية لا تهتم بالأدب العربى، ولكن كما قلت الصعوبة فى وجود الأعمال المترجمة.
مثل هذه الإجابة تؤكد أننا محصورون فى دائرة ضيقة، أكثر مما نتخيل، وأن الخروج منها يقتضى الوصول إلى هذه الأماكن البعيدة، وتقديم ثقافتنا الحديثة مما يفتح مجالات كثيرة للتواصل الثقافى والسياسى والاقتصادى والسياحى والعلمى والفنى والتقنى، وغير ذلك الكثير.
بالطبع أعرف أن الهيئات والوزارات فى مصر لديها أزماتها ومشكلاتها، لكن الأمر يحتاج إلى حلول أخرى، ربما حلول قائمة على التبادل الثقافى، بمعنى أن نمنحهم مساحة للمشاركة فى معارض الكتب المصرية، وعلى رأسها معرض القاهرة الدولى للكتاب، على أن يمنحونا هم فى المقابل مساحة مماثلة فى معارضهم، وللعلم فإن هذا الكلام ليس اختراعا من عندى، فالهيئة المصرية العامة للكتاب قامت به من قبل مع دول معينة، وكل ما علينا هو توسيع الدائرة، لأن الناس هناك «يحسبوننا نوعا من الذئاب»، على حد قول نزار قبانى.