يمكن القول إنه من محاسن الصدف، أو من جماليات الحياة، أن تلتقى بداية سنة جديدة فى التاريخ المصرى القديم والقبطى مع بداية سنة هجرية جديدة، بما يذكرنا بكثير من الأحداث التى عاشها المصريون عبر العصور الطويلة.
كيف عرف المصريون التقويم؟
اليوم هو بداية العام المصرى القديم رقم 6260، وذلك لأن أجدادنا القدماء استطاعوا منذ أكثر من 4 آلاف و200 سنة قبل الميلاد، وقبل عصر الأسرات تكوين الدولة المصرية الموحدة، واكتشاف السنة القمرية وقسّموها لفصول وشهور وأيام وساعات.
وفى ذلك الزمان البعيد، اعتمد المصريون القدماء على التقويم القمرى الفلكى، حيث ظهر النجم "سبدت" المعروف الآن بالشعرى اليمانية، وما يؤكد ذلك الخريطة الفلكية بمعبد الرمسيوم بالأقصر، وخريطة الأبراج "زودياك" المرسومة فى سقف مقبرة "سن-ن-موت"، وهو مستشار الملكة حتشبسوت بمعبد الأقصر، والدائرة الصخرية التى وجدت فى صحراء بلدة نبطة جنوب السودان، والتى ترجع لأكثر من 4 آلاف عام قبل الميلاد، وتشير إلى النجم "سبدت" المرتبط بالفيضان، أيضا النقوش الموجودة فى الأختام العاجية من عهد نقادة الثانية والتى ترجع 3300ق.م.
وفقا لخريطة أبراج السماء فى معبد"هاتور"، وهى الأشهر عالميا، والموجودة بمتحف اللوفر بفرنسا، ورسوم مقبرة "مري-روكا" وزير الملك تيتى من الأسرة السادسة 2323 ق.م، عرف المصرى القديم تقسيم السنة إلى 3 فصول، كل فصل يحتوى على 4 شهور هم: فصل"آخت" ويعنى بالهيروغليفية أفق أو بزوغ الشمس، وفيه تتم تهيئة الأرض للزراعة والبذر، ويشمل 4 شهور هم: شهر"توت" نسبة للإله توت رب العلوم والفنون ومخترع الكتابة، ثم شهر "بابه" إلى حابى إله النيل، وشهر "هاتور" وينشق من "حتحور" البقرة المقدسة، وهى إله الجمال والخصب، وشهر "كيهك"، ثم فصل "برت" وهو فصل الإنبات، ويضم شهر"طوبة"، و"أمشير"، و“برمهات"، و "برمودة"، ثم فصل "شمو" وهو فصل الحصاد والجفاف، ويشمل "بشنس"، و"بؤونة" و"أبيب"، و "مسرى"، وهكذا تصبح السنة المصرية مكونة من 12 شهرا، وكل شهر مقسم إلى 3 مجموعات عشرية بمجموع 30 يوما.
وأضاف المصريون شهرا صغيرا يسمى "أبد كوجي" ويتكون من 5 أيام فى السنة العادية، أو 6 أيام فى السنة الكبيسة، حيث عرف الفارق بين السنة البسيطة والكبيسة، كما تدل الساعة المائية المحفوظة فى المتحف المصري، والتى ترجع للملك أمنحتب الثالث، أن المصرى القديم قسم اليوم إلى 24 ساعة، 12 ساعة للنهار، و 12 ساعة لليل.
هل هناك فارق بين التاريخ المصرى القديم والقبطى
وضع أجدادنا الفراعنة التاريخ المصرى القديم عن طريق ملاحظة وقت الفيضان وتوافقه مع ظهور نجم محدد فى السماء قبيل شروق الشمس مباشرةً والمعروف بالشروق الاحتراقى، هذا النجم اسمه "سبدت"، ولكن بعد ذلك ظهر التاريخ الميلادى والقبطى والهجرى.
قال الدكتور محمود إبراهيم حسين، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية جامعة القاهرة، إن التاريخ المصرى القديم هو نفسه التاريخ القبطى، فقد توارثه الأقباط، الذين أطلقوا عليه تاريخ الشهداء.
أما من أين جاء التقويم المصرى القديم، فهو كما ذكرنا فى السابق أن أجدادنا عرفوا التأريخ والتقويم الزمنى عن طريق ملاحظة وقت الفيضان وتوافقه مع ظهور نجم "سبدت"، ومن خلال ذلك تم حساب الفترة الزمنية ما بين ظهوره الأول وحتى ظهوره الثانى وهى 365 يوما.
لكن كيف يكون التاريخ الميلادى عمره 6260 والتاريخ القبطى 1735؟
أجاب الدكتور محمود إبراهيم حسين، عن ذلك قائلا: إن التاريخ القبطى مأخوذ من التاريخ المصرى القديم فهو موروث توارثه الأقباط، ولا يوجد اختلاف بينهما على الإطلاق، لكن نذكر أن التاريخ القبطى عمره 1735 وهو بدء احتساب التاريخ عند الأقباط وهو نفس الوقت الذى بدأ فيها اضطهاد المسيحيين على يد الإمبراطور "دقلديانوس" فى الفترة من 284 وحتى 305 ميلادى"، وهنا قررت الكنيسة القبطية أو المصرية احتساب تقويم الشهداء من عام تولى دقلديانوس.
ولفت أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية جامعة القاهرة، إلى أن التاريخ الهجرى أيضا تم احتسابه ليس منذ بداية العهد الإسلامى، لكنه احتسب مع بداية هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.
وأشار الدكتور محمود إبراهيم حسين، إلى أنه رغم التقدم التكنولوجى العملاق فإن الفلاحين لا يزالون يستخدمون التاريخ المصرى القديم فى حساب مواسم الزراعة، وذلك دليل على دقة تلك الحسابات التى وضعها أجدادنا القدماء.
1440 سنة هجرية فى سبيل الله
يستقبل المسلمون، اليوم، عاما هجريا جديدا يحمل الرقم 1440 منذ خرج الرسول الكريم مهاجرا من مكة إلى المدينة المنورة، ساعيا لإنشاء وطن آمن للمسلمين، ومنه خرج نور الرسالة إلى كل البقاع داعيا إلى سبيل الله.
ونقدم عددا من المعلومات المهمة عن السنة الهجرية الجديدة منها، السنة الهجرية الأولى وافقت عام 622 ميلادية، وفى الثقافة الغربية يشار إلى العام الهجرى بالرمز (AH) Anno Hegirae ، وقبل استخدام كلمة "الهجرى" كان العام الذى خرج فيه النبى إلى المدينة يسمى "إذن السفر".
ومن المعلومات المهمة فى هذا الشأن أن الخليفة عمر بن الخطاب بدأ التقويم الهجرى بعد 17 سنة من زمن الهجرة.
أما عن أبرز الأحداث التى وقعت فى بداية شهر المحرم فمنها، فى 1 محرم سنة 21 هجرية دخل المسلمون مدينة الإسكندرية، فى 1 محرم 161 هـجرية رحل الصوفى الكبير سُفيان الثورى، فى 1 محرم 1342 هجرية ميلاد الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة، فى 1 محرم سنة 1373 هجرية صدر قانون الإصلاح الزراعى فى مصر، فى 1 محرم سنة 1400 هـجرية وقعت حادثة الحرم المكى بقيادة جهيمان العتيبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة